رغم الظروف السياسية الصعبة، والوضع الأمني الأسوء، ورغم الحروب والدماء، ورغم مناظر الأشلاء رغم سقوط العاصمة، ورغم كل شيء في بلاد اليمن الحبيب، إلا أن جماهير (الأحمر) اليمني أثبتت أنها الرقم الصعب في بطولة خليجي٢٢، مع حصد نقطتين من مباراتين حتى الآن . تهافتوا بالألاف، رسموا لافتة بأن وطنهم الجريح يناديهم، صرخوا بـ(حيو اليماني .. حيوه) واجتمعوا تحت راية علم واحد يُزين مدرجات الملك فهد، وأثبتوا للعالم أجمع أن الرياضة (تفرح) وتسعد ما تفسده ألسنة السياسيين، وتفجيرات الإرهابيين، ومؤامرات تحاك ضد وطن بات لا تفرحه سوى قطعة جلد، تخرجه من همّه، وتجدد فيه الدماء، ودعوات إلى السماء بأن يصلح الله حاضرهم ووطنهم . لقد أثبت المنتخب اليمني، أنه أفضل من الجيش اليمني، فالأحمر استطاع أن يصمد(تسعين) دقيقة أمام عمالقة قطر، في حين أن وزارة الدفاع لم تصمد سوى خمس دقائق حتى وقعت وسقطت في أيدي الجماعات المسلحة والتي سيطرت على العاصمة في ست ساعات !!. هؤلاء الذين تدفقوا من مختلف أحياء الرياض، أثبتوا للشعب اليمني بأكمله أن الغربة والعمل والابتعاد عن أهاليهم، لم يمنعهم من واجبهم الوطني في الوقوف الصادق مع الأحمر الذي أحرج منتخبات يُصرف عليها ملايين الدولارات إما في الإعداد أو في استقطاب المدربين أو في تجنيس اللاعبين، وأثبتت كرة القدم أنها لا تعترف بضخ الأموال، ولا بالنجوم التي تُسعّر بالملايين، ولا بالملاعب التي تشع ضياءً، بل تعترف بالقوة داخل أرض الملعب، وفي الحماسة التي تدّب في اللاعبين، ويستشعرون واجب وطني وقبل التفكير بالوطن الإستمتاع بكرة القدم . كنت حاضراً على المشهد في الملعب, وعند وصولي للملعب قبل بداية مباراة الأحمر اليمني كانت الواجهة مُغلقة من قبل رجال الأمن, وخالية من الجماهير بحجة أنها( محجوزة) للجماهير السعودية في المباراة التي تليها, وأجبروا الجماهير اليمنية على الحضور خلف المرمى, ولكن العدد المخصص لم يكفي العدد المهول لأعداد الجماهير اليمنية خارج البوابات, وبدأت المباراة ووضعت اللجنة المُنضمة في مأزق وموقف محرج أمام تلك الأعداد التي تريد مشاهدة منتخبها الأحمر, فقرروا أخيراً فتح الواجهة بعد مرور عشر دقائق من زمن شوط المباراة الأول, وخلال دقائق أمتلأت الواجهة بالألوان الحمراء, لتصفع هذه الجماهير اللجنة المنظمة بأن لها حق الحضور والمؤازرة ولا ذنب لها في عدم حضور مشجعي الأخضر!. المُخجل، أن تنظيم البطولة السيء، قوبل بجماهير يمنية رحمت اللجنة المنظمة وحفظت لها ماء الوجه كما يقال، فلا تقلق من سوء التنظيم واستمتع بصرخات اليمنيين في مدرجات ستاد الملك فهد الدولي، فإنها جماهير( ضبحت) كما يقال باللهجة اليمنية أو ( طفح كيلها) مما يمرّ به وطنهم، وأحبّوا أن يثبتوا للعالم أجمع .. أنهم أتوا لتشجيع ودعم منتخبهم الذي رسم البسمة على قلوبهم .