القاهرة: داليا عاصم بروح عازفي البيانولا الذين كانوا يدخلون السعادة في أحياء مصر وحواريها واختفوا في بدايات القرن الـ20، قرر فريق من 11 شابا يعشقون الموسيقى، كسر صمت شوارع القاهرة الراقية بآلاتهم النحاسية، فانطلقوا يجوبون الشوارع في قلب العاصمة المصرية، محاولين رسم البسمة على وجوه المشاة، وإدخال البهجة على قلوب المصريين الحزينة بسبب أعباء الحياة والأوضاع غير المستقرة، إنها فرقة «حسب الله باند» (Marching Band). يقول أيمن بكار، عازف الساكسفون ورئيس الفرقة لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمنا روح فرقة حسب الله الفلكلورية الشهيرة التي تأسست عام 1860 في شارع محمد علي، وكانت تقدم الموسيقى الشعبية، لكن نحن نختلف عنها فيما نقدمه من موسيقى، لكن هدفنا أن نعود مثلهم بالموسيقى للشارع. لقد اختفت الموسيقى من حياتنا اليومية، ولم يعد أحد يذهب للاستماع للموسيقى كما كان الحال في الماضي، فقررنا أن نذهب للناس للارتقاء بالذوق العام وتعريفهم بألوان من الموسيقى الراقية، كما يحدث في جميع دول العالم التي يكون فيها في كل مدرسة فرقة مارشينج باند». ينطلق أفراد الفرقة في طابورين بموسيقى المارش ويبدأ المارة في الانتباه لما يجري ثم يلتفون حول الفرقة حتى تشكل دائرة من الجماهير الغفيرة، والمثير حقا هو مشاهدة تفاعل المارة الذي يقفون لدقائق محاولين بتوجس وشغف فهم ما يحاول هؤلاء الشباب بآلاتهم النحاسية الضخمة فعله، لأن عزف الموسيقى في الشارع المصري بات نسيا منسيا وأمرا غريبا يثير دهشة المارة الذين اعتادوا قسوة الحياة وتفاصيلها اليومية الصعبة. سرعان ما يتجاوب البعض مع فرقة «حسب الله» بالتصفيق والرقص والغناء في المناطق الشعبية والراقية على حد سواء، ويفضل البعض تصوير هؤلاء الشباب بهواتفهم المحمولة، لكن على أي حال إذا أردت أن تستمع لموسيقى الجاز اللاتيني عليك أن تتجول في شوارع القاهرة علك تستمتع وتبتهج بأنغام الساكسفون الترومبيت والطبلة والترمبون التي تعزفها فرقة «حسب الله» الجديدة. بحسب بكار: «كانت بدايتنا في وسط القاهرة في حي باب اللوق الشعبي، وكنا خائفين من رد فعل الجمهور الذي كان فعلا متوجسا منا، بعد قليل تفاعل أكثرهم وبدأ يشاركنا الرقص والغناء، كما تجاوب بعض السكان في العقارات، بعضهم بالرقص والتصفيق، وكنا في غاية السعادة، وكذلك كان الحال في حي الزمالك وشارع 9 بالمعادي، لكن كانت الاستجابة أكبر وفقا لثقافة أهل الحي، وقدمنا عروضا في مارينا والغردقة وكانت الاستجابة كبيرة جدا نظرا لوجود سائحين أجانب وهم معتادون على تلك الفرق». وعن اختيارهم للمعزوفات يقول: «نختار الأغاني التي يمكن عزفها بالآلات النحاسية، وغالبا ما تكون من نوعية (الجاز اللاتيني) Latin Jazz مثل أغاني Sway، Santa Maria وغيرها، لكن نحاول أن ننتقي بعناية الألحان المبهجة التي تستسيغها الأذن بسرعة وتعطي نوع من الإحساس بالفرحة». تكوين الفرقة لم يأتِ صدفة، إذ تزامل أعضاء الفريق في مرحلة الدراسة الجامعية، وكان طموحهم هو إسعاد الجمهور وإحياء عزف الآلات النحاسية الذي يحتاج لمهارة ولا يتقنه الكثير من محبي الموسيقى، وبالفعل تكونت الفرقة في نهاية عام 2012 وبدأت في تقديم عروضها عام 2013. وعن طموح الفرقة وهل سوف يتجاوز التجول والعزف في الشارع، يطمح بكار وأفراد فرقة حسب الله في تأسيس مدرسة للعازفين بطريقة «المارشينج باند» بهدف نشر الفكرة وتأسيس المزيد من الفرق التي تنتشر وتجوب أنحاء مصر في القرى والنجوع والأحياء الشعبية والعشوائية لكي يعم الفن ويستمتع جميع المصريين بالموسيقى، يقول: «نقوم حاليا بتصوير أول فيديو كليب خاص بنا نقدم فيه أول مقطوعة خاصة بنا وهي من تأليف أعضاء الفرقة، على أمل التجهيز لأول ألبوم لموسيقى الآلات النحاسية التي يعشقونها».