•• شعرت بسعادة بالغة مساء الاثنين الماضي وأنا أقطع الطريق بين موقع الجريدة ومنزلي (مسافة كيلو متر واحد) في ساعتين اثنتين بسبب تكدس آلاف السيارات على امتداد شارع التحلية وجزء من طريق الملك بجدة وقد امتلأت بالشباب (15 ــ 30 سنة) وفي أيديهم وحول أعناقهم «العلم الوطني»، بل إن الكثيرين منهم توشحوا بالعلم بعد أن حولوه إلى ثوب أنيق وقد توسطته عبارة «لا إله إلا الله» وكذلك سيف التوحيد .. •• لم يكن المشهد الذي أسعدني كذلك فحسب.. بل سعدت بأن مئات من الشباب قطعوا هذه المسافة سيرا على الأقدام وسط أمواج السيارات الهادرة.. وقد ردد الجميع أناشيد وطنية رائعة وجميلة.. علت أصواتها من كل اتجاه.. وقد امتلأت النفوس شعورا بالفرحة والسعادة بصورة لا يمكن وصفها إلا على أنها تعبير صادق عن الوطنية.. وإدراك هؤلاء الشباب أن وطنهم يستحق كل هذا وزيادة.. •• هذا المشهد الجميل الذي تكرر وعلى مدى ثلاثة أيام ماضية في مختلف أنحاء المملكة أطالب بتشجيعه ودعمه والتوسع فيه على مدى العام حتى وإن شعر رجال المرور والشرطة بشيء من الضيق من هذا الكلام.. لأنهم بذلوا جهودا خرافية ومقدرة في تنظيم تلك الموجات البشرية العاتية وتفادى أي سلبيات أو حوادث أو احتكاكات قد تحدث خلالها.. فكان تعاملهم في معظم الأحيان مع الشباب راقيا ومهذبا رغم المعاناة الكبيرة. •• أما كيف تتم عملية استمرار التعبير عن الفرحة بالوطن على مدى العام.. فإن ذلك هو ما أدعو إليه كلا من وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للسياحة والرئاسة العامة لرعاية الشباب والمجالس البلدية والغرف التجارية والأندية الرياضية أن تشارك فيه بالتعاون مع إمارات المناطق والمحافظات، وذلك بإعداد برامج مثمرة وبناءة وداعمة لكل عمل خير.. فيه خدمة.. وتطوع.. وإنتاج.. وخلق.. وإبداع.. ومساعدة مرضى وفقراء ومحتاجين كالتبرع بالدم.. وبالأعضاء ومكافحة المخدرات بين الشباب وغيرها.. وأن تنطوي هذه البرامج الإيجابية والبناءة على مسابقات والإعلان عن فرص وظيفية.. ومظاهر مختلفة لبث السعادة في كل مكان.. والتعبير عنها بصورة منظمة.. ومثمرة وفي توقيتات محددة.. ونحو اتجاهات معروفة سلفا.. بالإضافة إلى دعم روح البذل والعطاء والمساعدة والتبرع بين الناس بحيث تخصص أيام معينة للعلاج المجاني في المستشفيات الخاصة وتقديم خصومات في مختلف الخدمات وفي إيجارات المساكن من قبل الملاك.. وتنظيم بعض المباريات لصالح بعض الأعمال الإنسانية في الداخل.. وهكذا يفرح الجميع وتنتشر بين الناس روح المسؤولية والإحساس بالشراكة.. ويعم الشعور بالفرحة بالوطن ولصالح أبناء الوطن.. •• وبالمناسبة.. فإنني وإن كنت مع تنظيم مسيرات الفرح هذه.. إلا أنني لست مع الذين يكثرون من الشكوى من الشباب وما يصدر عن بعضهم من تصرفات عفوية.. تحتاج إلى تنظيم وليس إلى قسوة في التعامل.. سواء من قبل الإعلام أو من بعض أجهزة الأمن. *** ضمير مستتر: •• الوطن أعظم من أن نشوه أفراحه.