تستقطب حادثة مقتل الشبان العرب الثلاثة بولاية كارولينا الشمالية مزيدا من الاهتمام والمتابعة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، مما يكشف عن المزيد من التناقض والاختلاف سواء لجهة السير الذاتية لكل من الجاني وضحاياه، أو لجهة تعاطي الإعلام الأميركي مع هذه الجريمة. ففي ما يخص السير الذاتية للضحايا تكشف الروايات والوثائق المتتابعة مزيدا من الوقائع حول ثلاثة شبان طموحين ومسالمين يسعون بمثابرة وإخلاص إلى الاندماج في مجتمعهم الأميركي عبر المشاركة الطوعية في نشاطات وبرامج خدمية وترفيهية متعددة. ورغم أنهم كانوا في مقتبل أعمارهمفإن السوري ضياء بركات (23 عاما) وزوجته الفلسطينية يسر أبو صالحة (21 عاما) وشقيقتها رزان (19 عاما) عملوا بوعي على تكوين توليفية إيجابية لهويتهم الإثنية في مجتمع باتت تتغلغل فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا وتفرز آليات أكثر فظاظة وعنفا لنبذ العرب والمسلمين وعزلهم. وقد أظهر شريط فيديو نشر مؤخرا على موقع "يوتيوب" وعي يسر لانتمائها الأميركي ومعنى كونها واحدة من أفراده المسلمين. فالشابة-التي ولدت في العاصمة الأردنية عمان وقدمت للولايات المتحدة مع عائلتها وهي في سنواتها الأولى- نسجت خيطا من مشروعها "راوية قصص" بالقول "إن ترعرعي في أميركا كان نعمة مع أنني في بعض الأحيان أضطر إلى المواجهة والدفاع عن نفسي خاصة أنني أرتدي الحجاب". جانب من تظاهرة سابقة تندد بجريمة كارولينا الشمالية(الجزيرة) احترام الآخر وتضيف "ليس مهما هنا من أين جئت فها هنا الكثير من الناس الذين جاؤوا من أماكن مختلفة، بخلفيات وأديان متنوعة، ولكننا نعيش جميعا ثقافة واحدة، ونكوّن مجتمعا واحدا". كان من ضمن أولوياتها مساعدة المتضررين من الحرب في سوريا، وقد سافرت الصيف الماضي إلى مخيم اللاجئين السوريين في مدينة كلّس التركية لتقديم المساعدات لأطفال المخيمات ومعوزيهم. وبحسب ما روى حموها نامي بركات للجزيرة نت، فقد كانت تخطط لتكرار الزيارة في الصيف المقبل مع زوجها الذي عمل بدوره خلال الفترة الأخيرة على جمع تبرعات مالية للاجئين السوريين بلغت عشراتالآلاف من الدولارات. كما كان ضياء -الذي يدرس طب الأسنان في جامعة نورث كارولينا- متطوعا مواظبا على تقديم الأعمال الخيرية وتقديم المساعدات الطبية والغذائية لمشردي مدينة تشابل هيل، إضافة إلى مشاركاته في برامج رياضية للأطفال واليافعين. وهذا النوع من البرامج شائع في الولايات المتحدة ويعتمد من قبل منظمات ومتطوعين لحماية الناشئة من الانحراف نحو العنف والإدمان والجريمة. ويظهر منشور على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" وعيه أيضا بطبيعة هويته الثنائية كعربي ومسلم ولد وعاش في الولايات المتحدة. وكتب معلقا على صورته أمام قبة الصخرة في القدس المحتلة "إنه لمن الصعب علي أن أعيش في الغرب في الوقت الذي يحظى فيه الشرق بأجمل ما فيّ". رواد مواقع التواصل الاجتماعي تابعوا باهتمام جريمة كارولينا الشمالية(الجزيرة نت) كراهية الأديان في الجهةالأخرى، يبدو القاتل كريغ ستيفن هيكس على النقيض من ضحاياه، حيث كتب على صفحته على موقع "فيسبوك" متباهيا وواصفا نفسه بالملحد الذي يتمنطق بمسدس، ومعبرا في أكثر من مرة عن كراهيته الأديان والمتدينين. كما كتب في منشور آخر "إذا كنت متدينا فأنت تختلق مشكلة للتو" بحسب محمد أبو صالحة والد الضحيتين يسر ورزان. ووصفت زوجته السابقة سينثيا هيرلي بأنه كان مهووسا بشخصية وليام فوستر التي لعبها الممثل مايكل دوغلاس في فيلم "السقوط"، حيث يؤدي دور رجل مطلق وعاطل عن العمل يصاب بحالات من الهياج تدفعه إلى إطلاق الرصاص. وفي هذا السياق، ربط معلقون بين ستيفن هيكس وفيلم "قناص أميركي" (أميركان سنايبر) الذي يعرض في صالات السينما خلال هذه الفترة. وفي سياق آخر، يتعرض الإعلام الأميركي لنقد شديد بسبب ازدواجيته في التعامل مع مثل هذه الجرائم، وقد عقد الكثير من المشاركين -سواء عبر المنشورات أو عبر التعليقات- مقارنات عديدة، في مقدمتها حادثة الصحيفة الفرنسية شارلي إيبدو. ونشر أحد متابعي وسم بعنوان "حياة المسلمين تهم" صورة تظهر عناوين الأخبار على موقعي قناة فوكس نيوز وقناة "سي إن إن" مع لفت الانتباه إلى الأداء اللغوي في صياغة العناوين وتباينه بين الحادثين، حيث ركزت القناتان على تعبير "الإرهاب" في حادثة "شارلي إيبدو"، فيما اعتمدتا على عناوين محايدة في جريمة "تشابل هيل". وإضافة إلى منشورات المتابعين، تعتمد تعليقات الكثيرين منهم على لغة وتعابير أكثر حدة حيال معايير الإعلام الأميركي المزدوجة، ويصل الأمر بالبعض للتعبير عن غضبه وسخطه بطريقة نابية وغاضبة.