تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا أمر لا يسعد المجتمع العربي ولا الدول العربية التي تشهد تحولات خطيرة ويبدو أن شبح التقسيم يخيم على ليبيا من جديد، بعدما تفاقمت الأزمة الحادة التي تضرب البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، نتيجة قرار المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان المنتخب والمعترف به دوليا، وهو ما رفضه البرلمان معتبرا أن قرار الحل جرى تحت تهديد السلاح. هذا القرار الذي فاجأ وأحرج المجتمع الدولي الذي اعترف بالبرلمان المنتخب، أثار أيضا حفيظة إحدى الميليشيات المسلحة التي هددت بانفصال إقليم برقة وإعلان دولة فيه، فضلا عن وقف تصدير النفط. وفي ضوء هذا التخبط الذي تعيشه البلاد، يثير الاقتتال على النفط انقساما جديدا، ويكشف عن الدور المركزي الذي يلعبه في الانقسامات والتوترات التي تربك الدولة الليبية، وهو ما دفع سياسيون ليبيون إلى التحذير من احتمالات تقسيم البلاد إلى ثلاث دويلات، منتقدين تخلي المجتمع الدولي عن دعم ثورة 17 فبراير. وتبدو مشاكل ليبيا -التي تمر في مفترق طرق- متجهة لمحاولات التقسيم، إلا أنه ورغم كل هذه القلاقل والتوترات فإنه يمكن الحفاظ على وحدة التراب الليبي، شريطة مساعدة المجتمع الدولي في الإسراع ببناء مؤسسات الجيش والشرطة، لا سيما أن بناء دولة على ثلاثة أقاليم هو ما يدعو له الدستور الجديد. وما نأمله من عقلاء وحكماء ليبيا أن يتدخلوا لكي يعود الأمن والسلام والاستقرار داخل ليبيا التي مزقتها الحرب الأهلية، ولكي تعود ليبيا عضوا إيجابيا في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ويعيش الشعب الليبي في أمن وأمان.. وعلى الليبيين دعم المؤسسات الشرعية وعدم الاندفاع وراء الميليشيات المسلحة التي تسعى لتدمير مكتسبات ليبيا وتحويلها إلى منطقة حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس.