تحريراً ومشافهة تصلني الإلحاحات من بعض الأصدقاء والأصحاب وأيضا بعض القراء ممن أعرفهم ومن لا أعرفهم يقولون إنني يجب أن أولي العناية اللازمة لأزمات البلد وأن أقلل من الكلام عن التراث والشعر والأدب المعجمي. ويتحدثون عن أزمة المرور مثلاً التي بلغت أوجها أو كادت. أرُدّ على المتحمسين بوجوب تناول قضايا المرور بقولي إن علينا أن نُكرر الحمد للمولى الذي جعل أرضنا واسعة فسيحة الأرجاء، دون عوائق طبوغرافية كثيرة ودون مضايقة الجبال وشواطئ البحار، مما يُعاني منه غيرنا في دول الجوار وغير دول الجوار. ولا يُذكر أن أعمدة الصحافة حلّت معضلاً أو أحيَتْ همماً فهي (أي الكتابة) عمود يقرؤه "عميد" أو حتى "عمدة" ويذهب مفعوله بعد الانتهاء من القراءة. دون أن "يعتمدها" العميد أو العمدة. لأنهم أنفسهم يملكون الاقتراح لكنهم لا يملكون التطبيق، لأن التطبيق كبير جدا. ليس الحل قريب المنال، فباب الاستيراد (استيراد المركبات الصغيرة والكبيرة) مفتوح ومهما حاولنا فالمهمة أكبر منا. قلتُ إن الله أعطانا مجالاً نراه في اتساع البقعة الأرضية التى بيدنا. ولو أحسنا استغلالها منذ البدايات لإعمار المدن (لنقل في السبعينات الهجرية من القرن الماضي، بأن وزعنا مناطق العمران وأعطينا كل بقعة ما تستحقه من خدمات الصحة والتعليم والإدارة والخدمات اللازمة لحياة الإنسان، لما احتجنا إلى الانتقال لتلقي خدمة تقع عشرات الأكيال عن مقرات السكنى. وهذا جار في العواصم المستنيرة. وأغرب شيء يمر على القارئ أن المدن التي اختُرعتْ فيها السيارات لا يصل عدد المركبات المستعملة فيها إلى نصف السيارات الموجودة في الرياض. فإلى أين نحن ذاهبون؟ الملاحظ أن صناعات وخدمات نشأت على هامش الأزمة. علامات التحذير من الوقوف. وحجز المساحات في الحارات لوقوف مركبات وكأن الشارع ليس منفعة عامة. الصّواد الخرسانية. خدمات تظليل وزينة السيارات. وِرَش كثيرة غير محددة الأسعار ولا مدروسة. ظهور قطع الغيار المقلدة والمهددة للسلامة، تنامي شكاوى الناس من زيوت مكررة الاستعمال. رقابة المخالفات (ساهر) وصيانته الدورية. البعض رأى أن أسهل طريقة لحل أزمة المرور هي في رفع أسعار الوقود. فهذا يؤدي أولاً إلى قلة «اللف والدوران» بالسيارة، كما يؤدي إلى دفع المواطنين إلى التشارك في استخدام وسائل النقل. أيضاً مراجعة الوقوف المستديم في أماكن الوقوف وهذا سيؤدي إلى إجبار المواطنين- قبل المقيمين - على الإحساس أو التشارك في استخدام السيارات بدلاً من استخدام المواطن أو المقيم سيارته الخاصة في كل المناسبات.