بعد خسارة الهلال لبطولة آسيا، كثرت الأحاديث وتسطرت الأقاويل، ورغم أنني لا أحبذ الخوض في غمار الأمور الرياضية، لأن الحديث عنها يرمي الكاتب في التهم وسوء الذمم، ولكنني قبل أن أسرد مقالتي فأنا لست متعصبا ولست نصراويا، وميولي أنني اتحادي صميم، ولا يظن أحد أنني ضد ناد من أندية الوطن أو أنني متعصب، فأنا رياضي وطني حتى النخاع ومع أندية الوطن جميعا في مشاركاتها خارجيا، وأمقت التعصب وأشجب التشنج الرياضي عند الجمهور. منذ سنوات عديدة والهلاليون بمختلف شرائحهم يدخلون في حرب مقارنات مقيتة مع الأندية الأخرى بمناسبة أو بدونها، مما آثار غضب وعجب الجماهير الأخرى، وظلت الإدارة الهلالية لأعوام وهي تمجد هذا المجال وتطوره، وانتقلت العدوى إلى اللاعبين الذين تنكر عدد منهم لأنديتهم المنتقلين منها، التي عرفوا الكرة فيها وعرفتهم بالجمهور، ونقلتهم من لاعبي حواري إلى لاعبين دوليين، كبرت المقارنات وازدادت شحناتها، فما أن سألت هلاليا عن مباراة أو نتيجة إلا ونقلك مباشرة للحديث عن مقارنة الهلال بالأندية الأخرى، الأمر الذي تحول إلى ظاهرة بل إلى مرض خفي تسرب لأرواح الهلاليين من إداريين وفنيين ولاعبين وجمهور. وكان هذا الداء الخفي يقتل الهلاليين بسرية، فيدخلون أي بطولة بتشنج وتحدّ وتمادٍ لنيلها، فانزرع فيهم اليأس باكرا وأثر ذلك على سيكولوجية البيت الهلالي بأكمله، لذا كان من الأجدى دراسة هذا الجانب جيدا قبل الانخراط في الآسيوية، وكان الأجدى بالإدارة بدلا من أن توزع الهالات الإعلامية والتحديات ودعاوى الاستغفار والصدقات وألقاب الزلزال والبركان أن توفر فريقا متخصصا في علم النفس الرياضي، أسوة بأكبر وأعرق الأندية في العالم وكنا حينها سنرى فريقا يركز أمام مرمى عريض حرسه ببسالة حارس واحد أمام 5 أو 6 مهاجمين في كل هجمة في النهائي، ولما وجدنا الشمراني يضيع كل جهده وتاريخه بالمعارك التي يفتعلها في كل خسارة أو عدم تسجيل أهداف، معاكسا لاتجاه النجوم من جيله وممن سبقوه، ولرأينا فريقا متجانسا متحدا متعاونا، لا أن يتسابق حتى المدافعون للتسجيل بحثا عن ألقاب جديدة ومقارنات مستقبلية. الهلال بطبيعة الكاريزما التي تحيط بالنادي العاصمي، فإن أي نجم صاعد سجل هدفا أو برز في مباراة فإنه لا بدّ أن يدلل وأن يبرز وكأنه نجم زمانه، الأمر الذي أدى إلى تسرب الغرور إلى نفوس لاعبين مبتدئين، مما انعكس على انخفاض مستويات نجوم عدة كالعابد والدوسري وغيرهما، وأدى هذا الدلال إلى مشكلة في عدم الانضباط من لاعبين وانشغال كثير منهم بالعروض ومغريات الأندية، وتصعيد قضايا العقود عبر الإعلام. هذا الدلال المفتعل الذي يعد أزمة قديمة مستديمة في الهلال، جعلت النادي يتفوق محليا وينتكس خارجيا. ولو بحثنا عن التفوق المحلي فنتاجه بسبب تميز لاعبين معينين وحظ وافر كان ينهال على الفريق الهلالي ببذخ وبلا حدود، وملايين كانت تصرف بشكل متواصل تكتب في الإعلام بالمانشيتات قبل صرفها وهذا جزء من لعبة الدلال الأزلية الهزلية في الهلال. لا أحد ينكر الجهد الكبير المادي والمعنوي الذي بذله الأمير عبدالرحمن بن مساعد للهلال، وكان يستحق البطولة والفرح، ومن ثم النادي الذي ظل يخطب ود الآسيوية ولكن مهرها أضاعته عدة عوامل إدارية ونفسية وحتى فنية. فالمدرب صاحب اسم كبير ولكنني أجزم أن النادي المطعم بالنجوم قادر على نيل الآسيوية بأي مدرب عادي فالبطولة بالفرق الحالية وهذه حقيقة تظل عادية واعتيادية، والدليل فوز الفريق الأسترالي الذي يعد فريقا متواضعا مقارنة بالفرق اليابانية والكورية وحتى الخليجية التي غادرت مبكرا، وبعضها لم يملك حظا للمشاركة ولكن الفريق الهلالي اعتمد على الهالات وعلى فرحة غامرة بفوزه على العين الإماراتي الذي أحرج الهلال كثيرا. يتفق كلٌّ أن التحكيم أجهض حلم الهلال، ولكن هل أعدت الإدارة والفريق الفني احتياطات لمواجهة حسابات التحكيم الظالمة، التي قد تحدث لأي فريق؟ وهل الحكم قادر على أن يلغي هدفا صحيحا لأن الاعتماد على حسابات ضربات الجزاء المحتملة أو المؤكدة لا يغني شيئا في كرة القدم ما لم يتوج الجهد بالتركيز وهز الشباك؟. التحليل الفني والنهاية المختصرة هزيمة الهلال بفعل التحكيم وبراعة الحارس الأسترالي، فالأولى ليست عذرا كافيا أمام فريق أضاع 22 هجمة مؤكدة وخسر الرهان ولديه الأرض والجمهور والنجوم وكل الدعم، أما الثانية فلماذا لم يتغلب هجوم الهلال الكثير والقوي على حارس واحد، وما فائدة صفقات الشمراني والسالم والحمد ووجود قناص وزلزال واف 16، وكل هذه الظواهر ألم تكن قادرة على هزيمة حارس وليس فريق؟. انتهت الحكاية والقصة، الهلال عانى من الدلال ولا يزال، الهلال بحاجة إلى فريق إداري محنك يوازي اسم وتاريخ وآمال الهلال، ويحتاج أيضاً لعقوبات واضحة جلية على اللاعبين المتهاونين، والتقليل من المديح والتمجيد للاعبين، وفي هذه الفترة يحتاج الفريق لمختصين في علم النفس الرياضي والإداري، والأهم نسيان الآسيوية والاستفادة من الدرس.