×
محافظة مكة المكرمة

وظائف شاغرة بجامعة الطائف

صورة الخبر

ككل مرة يكون وقع أصواتهم في المساجد بعد صلاة الجمعة والجماعة كئيباً على آذان البعض، رتيباً لا معنى له إلا الفاقة، بعض هؤلاء لا يقفون -بمنتهى الإحباط ـ عبثاً أو ترفاً، بل لحاجة ملحة، تحكمها ظروف المعيشة، أنا لست مؤيداً للتسول، ولكن هناك بالتأكيد منهم في حاجة غالبة على ما سواها من المثاليات والأحكام المسبقة، سعوديون يتسولون من مواطنين ومقيمين وعمّال وافدين ألا يبدو الأمر صعباً ومخجلاً؟! يعرضون ظروفهم وعاهاتهم بطريقة تبعث على الأسى، بينما ندعو إلى التكاتف الاجتماعي ومحاربة العوز والفقر كل يوم! هؤلاء ليسوا متسولين، بل محرومون ومحتاجون. ويبقى السؤال: أين دور الجهات والمؤسسات التي يلجأ إليها كل محتاج وفقير في البلد؟! ولسان حالهم يقول: في بلد الخير نمدُّ أيدينا للغرباء؟! كثيراً ما تشاهد بعد انقضاء صلاة الجمعة مَنْ يقف أمام الصفوف، التي تستغفر وتسبح ليعرض مأساته بطريقة مهذبة وبلاغية ودرامية، ثم ينسحب من بين الصفوف ليعقد لدى الباب، وفي أحوالٍ كثيرة ترى أكثر من واحد يقفون في الوقت نفسه أمام الصفوف لاستجداء الفزعة والعطف، إنهم نماذج مسحوقة لسعوديين مواطنين خرجوا من عباءة التعفف إلى الاستجداء. أنا ضد التسول إذا خرج عن دائرة الحاجة الفعلية إلى متاهات الخداع والاستغلال والمآرب الأخرى، الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع معنيون باحتواء الفقراء والمحتاجين وأصحاب العاهات، الذين يلجأون إلى المساجد والشوارع والأرصفة للبحث عن الشفقة، فليس منع التسول واحتقاره ينطبق على الجميع، فهناك محتاجون فعلاً. معنيون جميعاً بإيجاد البدائل المناسبة للمتسولين تساعدهم في العيش والعلاج والسكن بكرامة، لا أن نكون نحن والزمن ضدهم ونرفع في وجوههم عبارة «امنعوا المتسولين من أجل مظهرنا العام» على رأي الفنان سيد زيان في فيلم «المتسول»، إن الأمر يبدو سيئاً جداً عندما نرى سعودياً يتسول من أجل علاج نفسه أو أحد أفراد أسرته، أو لتأمين أدوات منزلية أو لقضاء دين عليه أو دفع إيجار مسكنه، أو تأمين لقمة عيش لأسرته، ثم لا يكون له الحق في الرعاية الصحية والاجتماعية من المؤسسات المسؤولة، ذلك ما يزيد من حسراته وتوجعه ويجعل البعض من هؤلاء يلجأ إلى طرق غير سوية قد تضر بأمن الوطن، فالفقر والعوز من أسباب ارتكاب الجرائم، ويبقى التسول ظاهرة ممقوتة. ويبقى الفقر أيضاً فتنة لأنه يذل المرء وقد يؤدي به إلى ما لا يحب!