أضعفت قوات البيشمركة الكردية العراقية الحصار المفروض على مدينة عين العرب (كوباني) الكردية الحدودية السورية، لكنها لم تكسره بعد أسبوع من وصولها محملة بالأسلحة الثقيلة والمقاتلين في محاولة لإنقاذ المدينة من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وأصبحت عين العرب اختباراً لقدرة تحالف تقوده الولايات المتحدة على وقف تقدم المقاتلين الإسلاميين. والمدينة الحدودية واحدة من مناطق قليلة في سورية يمكن للتحالف أن ينسق فيها بين غاراته الجوية وعمليات تقوم بها قوات برية. وقال لـ «الحياة» الدكتور عبدالعزيز تمو من قوات «البيشمركة» من عين العرب، إن «داعش» شن أول من أمس «أشرس هجوم» على المدينة محاولاً «استعادة معنويات فقدها في الأيام الأخيرة بسبب تقدم قوات وحدات حماية الشعب الكردية بإسناد من البيشمركة في المدينة». وأضاف تمو إن «البيشمركة» زودوا غرفة العمليات في كردستان العرب التي تضم أكراداً وأميركيين بإحداثيات عن مواقع «داعش» في عين العرب، فشنت مقاتلات التحالف خمس غارات على مواقع للتنظيم ما أفشل الهجوم الذي شنوه. وأضاف إن تركيا سمحت أول من أمس بمرور أسلحة ثقيلة وذخيرة إلى الأكراد لكنها اشترطت أن تقوم هي بنقل هذه الأسلحة، لافتاً إلى أن مهمة البيشمركة مستمرة ثلاثة أشهر بحيث تتقدم القوات الكردية «خطوة خطوة وشارعاً بعد شارع في عين العرب ثم تقوم بالانتقال إلى تل مشتى النور». وأضاف: «بعدها ننتظر قرار حكومة إقليم كردستان في شأن ما إذا كنا سنواصل العمليات في ريف عين العرب». وكان وصول قوات البيشمركة العراقية الكردية وهي مزودة بالعربات المدرعة والمدفعية، مكن المدافعين عن البلدة من قصف مواقع «الدولة الإسلامية» حول عين العرب واستعادة السيطرة على بعض القرى. لكن الخطوط الأمامية في المدينة نفسها لم تتغير كثيراً حيث ما زال الجزء الشرقي منها تحت سيطرة المقاتلين المتشددين فيما لا يزال الغرب إلى حد بعيد تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية السورية ومقاتلين متحالفين معها. وقال رامي عبد الرحمن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومقره بريطانيا: »لا يوجد تغيير على الإطلاق في كوباني نتيجة لوصول البيشمركة. ربما تم انتزاع السيطرة على شارع أو شارعين ثم فقدوا مجدداً وهكذا. مواقع الدولة الإسلامية محصنة جيداً في مدينة كوباني ويقول الأكراد إنهم بحاجة للمزيد من الأسلحة الثقيلة لإحداث ثغرة. هناك حاجة أيضاً للتنسيق بين الوحدات الكردية والقوات الجوية للتحالف». وأضاف أن الهجمات الانتحارية التي يشنها التنظيم المتشدد تثبت فاعليتها أيضاً. ودخل مقاتلو البيشمركة عين العرب في أكثر من 12 شاحنة وسيارة دفع رباعي يوم الجمعة الماضي قادمين من تركيا وهللوا ولوحوا بعلامة النصر. واستقبل أكراد تركيا واللاجئون السوريون الأكراد العراقيين المقاتلين استقبال الأبطال بعدما غضبوا لرفض أنقرة إرسال قوات تركية إلى عين العرب واصطفوا في الشوارع حاملين الأعلام الكردية وشعروا بالتفاؤل بقدرة البيشمركة على تحويل دفة القتال. وأوضحت حكومة إقليم كردستان العراق من البداية أن مقاتلي البيشمركة التابعين لها الذين يصل عددهم إلى نحو 150 مقاتلاً لن يخوضوا معارك مباشرة في عين العرب وإنما سيقدمون دعماً مدفعياً للأكراد السوريين. وقال إدريس نعسان وهو مسؤول محلي في عين العرب عبر الهاتف: «وجود البشمركة كان مفيداً بالطبع لأنهم يقصفون مواقع الدولة الإسلامية ويدمرون مقاتليها وأسلحتها». وأضاف لـ «رويترز»: «بفضل قصف البيشمركة أوقفنا تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في المناطق الريفية الغربية وخط الجبهة الشرقي والجنوب شرقي بالمدينة». أسلحة ثقيلة واندلع قتال عنيف في الأيام التي تلت وصول البيشمركة حيث وقع قصف عنيف وإطلاق نار مستمر تقريباً فيما ساعدت قوات البيشمركة ومقاتلون في جماعات معارضة معتدلة في سورية «وحدات حماية الشعب» الكردية على طرد الإسلاميين من بعض القرى المحيطة. وقال نعسان إن «القصف المستمر» من قوات البيشمركة قضى على جزء من قدرة «داعش» على الهجوم وإنه كان هناك تنسيق جيد بين «الوحدات الكردية» و «الجيش السوري الحر» ومقاتلي المعارضة المعتدلة. وقال مراسل لـ «رويترز» على الحدود إن شدة القصف تراجعت منذ ذلك الحين وإنه لا يوجد تغيير واضح في الخطوط الأمامية بالمدينة نفسها. وقال نعسان: «يجلب تنظيم الدولة الإسلامية مقاتلين وإمدادات جديدة طوال الوقت لذا نحتاج إلى مقاتلين وإمدادات جديدة أيضاً». وتابع أن مقاتلي التنظيم سيطروا على تسع دبابات في هجوم على حقل غاز الشاعر بوسط سورية وأنهم ينقلونها إلى عين العرب. وأضاف: «لذلك نحتاج إلى تنسيق أكبر مع قوات التحالف والمزيد من الأسلحة الثقيلة خاصة الأسلحة المضادة للدبابات وأسلحة أخرى للتصدي لمدافعهم وصواريخهم وقذائف المورتر التي لديهم». وتغيرت الجهة التي تسيطر على حقل غاز الشاعر الواقع إلى الشرق من مدينة حمص أربع مرات منذ تموز (يوليو) الماضي، عندما سيطر عليها «داعش» للمرة الأولى. وعلى رغم أهميتها الاستراتيجية المحدودة أصبحت عين العرب رمزاً قوياً في المعركة ضد مقاتلي التنظيم المتشدد الذين سيطروا على مناطق واسعة في العراق وسورية وأعلنوا قيام «دولة الخلافة». واشتدت المعركة قرب حدود تركيا. وأثار تردد أنقرة في مساعدة المدينة الكردية السورية أعمال شغب بين أكراد تركيا الشهر الماضي ما أسفر عن مقتل 40 شخصاً.