أصدرت شاعرة عراقية مقيمة في ألمانيا مجلة شاملة تجمع بين الأدب والفن والجمال والمعرفة، هدفها تسليط الضوء على الجانب المشرق والإنساني من الثقافة العربية في زمن "داعش" وعصر شهد انحسارا ثقافيا، إذ صدر العدد الأول من مجلة بابليون الإلكترونية. ومن يتصفح العدد يلفت انتباهه أولا الإخراج الإلكتروني الجميل للمجلة وغلافها الذي تتوسطه صورة المهندسة المعمارية العراقية ـ البريطانية الشهيرة زها حديد، التي قابلتها المجلة في حوار حصري. وعند قراءة الصفحة الأولى من المجلة يفاجأ القارئ بالكم الكبير من الشعراء والكتّاب الذين يشرفون على المجلة ويكتبون فيها. وتحاول DW العربية تسليط الضوء على العدد الذي يقع في 612 صفحة ويتضمن أقساما عدة، وكل قسم في هذا العدد يمثل مجلة مصغرة مستقلة عن الأقسام الأخرى، وله محتوى وغلاف مختلف؛ لكن ما يميز المجلة عن باقي المجلات الإلكترونية الأخرى هو التصفح السينمائي ثلاثي الأبعاد مع إمكانية الاستماع للموسيقى أثناء تصفح المجلة ومشاهدة ملفات فيديو في بعض مقالاتها. وبكبسة زر يمكن للقارئ أيضا أن يذهب إلى مواقع مرتبطة بالمقال تعرف بالموضوع أو بكاتب المقال أو بخبراء التجميل والرشاقة والأطباء المنشورة مواضيعهم فيها للتواصل معهم مباشرة. فكرة إصدار المجلة كانت "لسد ثغرة جوهرية في الساحة الثقافية العربية، ولتكون سباقة في مجالها"، كما أوضحت همسة الهواز رئيسة تحرير المجلة في حوار مع DW. والهواز شاعرة وفنانة تشكيلية عراقية مقيمة في ألمانيا منذ نحو 16 عاما، قررت ترك دراسة طب الأسنان والاتجاه إلى عالم الأدب والشعر والصحافة. وأصدرت الهواز عدة مجلات إلكترونية سابقا، كمجلة الفوتوغرافيين المحترفين، ومن ثم قررت إصدار مجلة بابليون وبجهود شخصية، كما تقول. وعن بدايات فكرتها مع المجلة الجديدة تضيف: "البواكير الأولى لمجلة بابليون كانت قبل سنتين، وبدأت بكتابة بعض تفاصيل المجلة وأقسامها على الورق، وأردت أن تكون أسماء الأقسام في المجلة عصرية وتشير إلى حضارة العراق، لذلك اخترت اسم "بابليون"، ومن ثم طلبت من مجموعة من الأصدقاء مساعدتي في المجلة كل حسب اختصاصه، واستطعنا إصدار المجلة بشكلها الحالي". تنوعت أقسام المجلة بين الثقافة والأدب وغيرهما. المجلة غير حكومية وغير ربحية ويشارك فيها، إضافة إلى رئيسة التحرير، فريق عمل يضم أربعة محررين، فيما يشرف على الإخراج الفني أور البصري. وإضافة إلى هيئة التحرير هناك عدد كبير من الكتاب والمصورين والمراسلين للمجلة. وتصدر المجلة من أستوديو شركة بابليون للإنتاج الفني والإعلامي المرئي والمسموع. وتسويق المجلة بطابعها وتوجهاتها الثقافية قد لا يكون بالأمر الهين، لكن ما قد يساعد على انتشارها هو عرضها الإلكتروني الجميل وإمكانية تصفحها المجاني على شبكة الإنترنت، إضافة إلى إمكانية الاستماع ومشاهدة ملفات فيديو مرتبطة بصفحة المجلة على موقع "يوتيوب"، حسب ما أشارت إليه بسمة العزاوي مديرة العلاقات العامة للمجلة. ولدت العزاوي في بغداد ودرست هندسة الحاسبات في السويد وهي مصورة فوتوغرافية وعملت في تطوير الأجهزة الإلكترونية، وأوضحت أن محتوى المجلة غير التقليدي، والكتابة عنها في الصحف والمجلات ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ساعد على جذب الجمهور إليها وضمن للمجلة فرص انتشار أكثر. واستطاعت المجلة خلال فترة قصيرة أن تستقطب أقلام شعراء وكتاب وفنانين معروفين من مختلف أنحاء العالم العربي. وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة شعراء عراقيين كبارا، كعبد الرزاق عبد الواحد ولمعية عباس عمارة وكريم العراقي. وللشاعر كريم العراقي فضل كبير في تطوير الغناء العراقي المعاصر وكتب كلمات الأغاني لعدد كبير من المطربين العراقيين، قد يكون أبرزهم كاظم الساهر. وأشار العراقي إلى أن سبب اختياره للعمل مع المجلة هو اهتمامها بالثقافة والأصالة، خاصة الأدب والفن العراقيين، إضافة إلى أن المجلة ستكون إضافة جميلة في مسيرة حياته الفنية الطويلة. ونجح العدد الأول من المجلة في إيصال فكرة جديدة عصرية عن المجلات الثقافية ولاقى استحسانا من قبل قرائها، كما تقول رئيسة التحرير؛ لكن إنجاح العدد لم يكن هو الهدف الوحيد للمشرفين عليها، فرئيسة التحرير وصاحبة فكرة بابليون همسة الهواز تذهب بأحلامها أبعد من ذلك، وتريد لمجلتها الجديدة أن تأخذ على عاتقها "المساهمة في الترويج للحداثة الفكرية ونهضة الفكر العربي في شتّى مجالات الإبداع والفكر، والإطلالة على الإنتاجين العربي والعالمي، والإسهام في الارتقاء بالمستوى الفكري والذائقة الجمالية والفنية من خلال تعريف القارئ العربي والغربي بمختلف الفنون".