بوعلام رمضاني-باريس لم تحدث المفاجأة المنتظرة التي كان من شأنها أن تحقق أول حدث أدبي عربي من نوعه في فرنسا، إذ لم يفز كمال داود الروائي الجزائري الذي شغل دنيا الأدب بجائزة غونكور، بل فازت بها ليديه سلفاير الروائية المغمورة. وقال محمد عيساوي الناقد بصحيفة "لوفيغارو" اليمينية الشهيرة إن داود راح ضحية المنافسة الشرسة بينه وبين الروائي ديفد فوينكينوس الذي نال جائزة رينودو عن روايته "شارلوت". وأضاف أن الفائزة قد استفادت من الحرب المحمومة التي بدأت تلوح في الأفق منذالبداية بين الجزائري الذي أذهل معظم أعضاء لجنة التحكيم بروايته "ميرسو.. تحقيق مضاد" التي عكس فيها طرح ألبير كامو في روايته الشهيرة "الغريب". خمس جولات ولم يتمكن أعضاء اللجنة من حسم الأمر، على حد تعبير عيساوي، إلا بعد فترة انسداد اقتضت خمس جولات انتهت بتوافق صعب حول سلفاير التي لم يكن اسمها مطروحا أصلا منذ البداية، حسب الأديبة فرنسواز شندرناقور العضو في لجنة التحكيم التي يترأسها الناقد الكبير برنار بيفو. وانتصرت الفرنسية على الجزائري في آخر المطاف بفارق صوت واحد. وقالت الروائية والدموع تنهمر من عيونها لحظة تصريحها لوسائل الإعلام "أنا سعيدة وغير مصدقة الفوز الذي أتى في وقته"، وهو الفوز الذي أهدته لأمها التي شكلت الشخصيةالرئيسية في الرواية وحكت لها عشية رحيلها فظاعة الحرب الأهلية الإسبانية صيف العام 1936. أما بيار أسولين العضو الذي دافع عن داود بقوة حتى آخر لحظة، فقال إنه سعيد بفوز سلفاير، لكن فوز داود الجزائري البالغ من العمر 44 عاما كان من شأنه أن يشكل الحدث الأدبي التاريخي الأكبر والأول من نوعه. وأضاف معزيا إياه "أمام داود صاحب الرواية الأولى المدهشة فرصة لكتابة روايات أكثر فرادة". التأثر ببرنانوس وعالجت ليديه في روايتها "حدود الدموع" -الصادرة عن دار ساي- الثورة التحررية التي قامت ضد حكم فرانكو الفاشي بإسبانيامن خلال قصة حب جمعت بين عاشقين من مشارب أيديولوجية وانتماءات اجتماعية متناقضة ومتباعدة. ومما زاد من وهج وخصوصية الرواية، حسب برنار بيفو، طريقة المعالجة التي كشفت عن تأثرها بالكاتب الكبير جورج برنانوس، وهي المرأة العاشرة التي تفوز بالجائزة بروايتها الواحدة والعشرين. والروائية المنحدرة من والدين إسبانيين المولودة في إحدى ضواحي مدينة تولوز جنوب فرنسا عام 1948، عادت بذاكرتها العائلية إلى الحرب التي عاشتها عائلة رئيس الوزراء الفرنسي مانويال فالز الإسباني الأصل مثلها، وهو ما دفعه لتهنئتها قبل كل المسؤولين الفرنسيين الكبار. نقد لاذع من روايات الكاتبة التي بدأت في نشرها منذ العام 1983 نذكر "التصريح" و"جماعة الأشباح" و"قوة الذباب" و"الميدالية" و"الأرواح الجميلة" التي تعرضت عام 2008لهجوم نقدي لاذع لم ينقص من عزيمتها على الاستمرار، على حد تعبيرها. وبعد توقفها ثلاثة أعوام عادت إلى الكتابة ونشرت"عبور إلى العدو" عام 2002 و"منهج ميلا" عام 2006. يشار إلى أن جائزة غونكور التي تحمل اسم مؤسسها أدمون غونكور ظلت تصنع الحدث الأدبي في فرنسا مطلع نوفمبر/تشرين الثاني كل عام منذ العام 1903.