على مر التاريخ، كانت الترجمة وأدواتها مفتاح السر في نقل العلوم والحضارة من أمة إلى أخرى. ليس بدءاً بالترجمة عن الإغريق، وغيرهم من حضارات خلت. ويعد المسلمون أكثر المسهمين في نقل الحضارات التي سبقتهم إليهم وإلى من بعدهم، عبر حركة الترجمة التي بدأت فعلياً في عهد الخليفة العباسي المأمون، لتتوسع رقعة الترجمة والنهل من منابع الحضارات السابقة، بهدف البدء من حيث انتهى الآخرون. وعلى رغم الصعوبات التي واجهت نهضة الترجمة في ذلك العصر، إلا أن كل الإمكانات الممكنة سخرت في سبيل الوصول إلى مداخل العلوم لتطويرها، وهو ما برع فيه الأندلسيون، الذين طوروا هذه العلوم، ثم نقلت عنهم إلى أوروبا وسواها. مع نهايات القرن قبل الماضي باتت القدرة على الترجمة أكثر سهولة، بسبب النهضة الصناعية في أوروبا، وتطور أدوات النقل، إلى جانب سهولة الحصول على الكتب والمخطوطات والاستفادة منها. ومع أن حركة الترجمة في الدول العربية بدأت بداية جيدة، خصوصاً في مصر في نهايات القرن الـ19 وبداية القرن الـ20، إلا أنها بدأت بالفتور في منتصف القرن الماضي، لتصل إلى مرحلة الضعف الشديد، ما أثر بشكل كبير في التواصل مع الآخرين وفهمهم. وتسببت «أنيميا الترجمة» إلى العربية من لغات الدنيا، إلى تهميش اللغة العربية، واعتبارها لغة «غير علمية»، وهي نتيجة حتمية لتهميش حركة الترجمة التي باتت قاب قوسين أو أدنى من التلاشي أو الموت.