توفير الرعاية السكنية للمواطنين قضية حساسة جدا تمس حاجاتهم الأساسية وهي ضرورة وليست رفاهية، وإيجاد حلول لتوفير الأراضي لمشاريع وزارة الإسكان مطلب وطني، كما أن موضوع فرض الرسوم على محتكري الأراضي لا يهم المواطن البسيط بالدرجة الأولى، طالما أنه لا يقف حائلا بينه وبين حصوله على حقه في الرعاية السكنية له ولأسرته. جاء التحفظ الشديد من قبل أعضاء هيئة كبار العلماء على فرض رسوم على الأراضي البيضاء، بعد اجتماعهم السابق وبعد فتوى سابقة للهيئة قبل نحو 10 أعوام، التي أقر فيها أغلبية الأعضاء بعدم جواز ذلك، لأن الأصل حرمة أموال المسلمين، بينما لا يمانع أعضاء الهيئة من فرض الزكاة على الأراضي التي أعدت للبيع، وهذا بطبيعة الحال ليس حلا للقضية. إن فرض الرسوم وليس الزكاة على محتكري الأراضي البيضاء داخل المدن، سوف يضطرهم إلى العمل على تطويرها بدلًا من تجميدها والاستفادة من ارتفاع أسعارها، الأمر الذي سوف ينعكس بالضرر على الحالة الاقتصادية، والمطلوب حسب فقه الواقع أن تؤدي هذه الرسوم لإحداث حالة من التوازن بين العرض والطلب، مما سيوفر المساحات المطلوبة التي تحتاجها وزارة الإسكان، لإقامة المشاريع السكنية في مختلف المدن. وحسب إحصاءات رسمية، فإن الأراضي البيضاء داخل المدن تشكل نحو 70% في مدينتي الرياض والدمام، بينما تقل النسبة في بعض المناطق إلى أقل من النصف وتقل في مناطق أخرى، كما أن معظم تلك الأراضي ذات مساحات كبيرة تزيد عن مليون متر مربع!، الحقيقة نحن أمام مشكلة لا تتحمل كثيرا من الجدل ويجب وضع الحلول الفورية لها. هيئة كبار العلماء لم ترفض المشروع وإنما تم تأجيله للدورة المقبلة، ولا يراودنا أدنى شك في سعيهم لمصلحة الوطن والمواطن ولكن إذا كان تأجيل مشروع فرض الرسوم على محتكري الأراضي البيضاء (اعتباراً) فإن أكثر من 75% من المواطنين السعوديين الذين يسكنون بالإيجار يُعَدُّون (اعتبارا) أيضا.!