ستبقى الأحساء خضراء باخضرار الوطن وسيظلّ صوت الوحدة هو الأعلى وسط أصوات مشبوهة تقودها فتنة عمياء لا ترى إلا الظلام ولا تعرف إلا الإرهاب والقتل. فقبل أكثر من ثلاثين سنة كتب تاريخ جدي عبدالمحسن عمق العلاقة التي تجمع طوائفنا وأفكارنا ورؤانا كأسرة واحدة متجذرة في الأرض كالنخلة الضاربة بعمقها في خصوبة التربة واخضرار الحقول. لم يكن عندنا في الكوت أو النعاثل أو المبرز (سني أو شيعي) وكان صوت الأذان جامعاً لكل الأصوات ولاختلاف اللهجات واللغات، وكنا نتجاور ونتحاور ونتزاور ونقبّل رؤوس وأيادي الكبار والشيوخ مؤكدين للعالم كله أننا أسرة واحدة في واحتنا المعطاءة. ومازلنا دون تراجع أو تقهقر. لم يكن عندنا اختلاف لأننا تجاوزنا كل نقاط الاختلاف والتقينا تحت سقف الوطن بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وكانت كلمتنا موضع تقدير عند قيادتنا وحكامنا الذين ألفوا منا الحبّ وتعودوا منا رعاية بعضنا البعض دون مجاملة أو تلميع وهذا هو ديدن الشرفاء الذين يولدون كالفجر تماماً ويوزعون الحبّ ويقسّمون أرغفة الخبز بين الجوعى والمعدمين بالمساواة والإنسانية. أما حكاية هجوم مسلّح على جماعة تمارس طقوساً دينية أو مذهبية في أرض البياض والرحمة فهو أمر مستهجن ومثيرٌ للذهول. هؤلاء القتلى الذين سقطوا مضرجين بدمائهم لاذنب لهم سوى أنهم كانوا يعبّرون عن مبدأ هو موضع احترام وتقدير لديهم ولدى كل الأحرار فكرياً في هذا الوطن العظيم. فهؤلاء الشباب هم مستقبل الأرض الذي كان سيعمّرها ويحرث كل بقعة خصبة فيها ستنجب فسائل خير يرتقي بها الوطن ومقدّراته، وقبل أن أنهي سطوري عليّ أن أوجّه تحية تقدير وإكبار للشاعر الكريم والهجري الأصيل الدكتور محمود بن سعود الحليبي الذي ردّ على الحادثة قائلا: ياباغي الشر أدبر إنها هجَرُ إنسانها غيمة بالطيب تنهمرُ لايجمع الله نخل الحلم في بلد ونارَ ظلم بعود الجهل تستعرُ