×
محافظة المنطقة الشرقية

ثقافي/ انطلاق الفعاليات العلمية لمؤتمر القلب العالمي لمركز الأمير سلطان للقلب

صورة الخبر

إلى عهد ليس بالبعيد، لم يكن المواطن بحاجة لأن يشغل باله بمسألة دهان فلته أو مشروعه، فزيارة سريعة للشارع الذي يمر أمام محلات بيع الدهان كفيلة بجلسة مفاوضات سريعة مع عمال يقفون هناك كل يوم، قد تنتهي بتوليهم دهان ذلك العقار، لكن الأمور فيما يبدو قد اختلفت، فتجارب مريرة تجرعها المواطنون قد خلقت لديهم نوعاً من الوعي بأهمية التخصص، الأمر الذي جعلهم يلجأون إلى المؤسسات المتخصصة في هذا المجال، وعلى الرغم من قلة الجهات المتخصصة والمحترفة في هذا المجال، إلا أن هناك مؤسسات قيادية فيه يمكننا أن نقرأ في تجربتها واقع تنفيذ الدهان، في الحوار التالي نتحدث إلى الأستاذ عبدالله السالم مدير عام مؤسسة الدهانات العربية ليشخص لنا واقع حال تنفيذ الدهان ودور المؤسسات المتخصصة في ذلك التجربة المريرة مؤسسة الدهانات العربية توظف التقنية في التنفيذ بما ينجز العمل ويجعله متقناً لم يذهب بعيداً عبدالله السالم حين قال إن المواطنين قد تجرعوا تجارب مريرة في تنفيذ أعمال الدهان لمساكنهم ومتاجرهم طيلة العقود الماضية، مبيناً أن ذلك كان ناتجاً عن عدم إدراك كثيرين لأهمية التخصص في تنفيذ أعمال الدهان، وقال:لعقود، ظلت العمالة الفردية التي تعمل لحسابها تسيطر على أعمال الدهان، الأمر الذي جعل هذا المجال يعج بالعمالة التي ليست لها أي تجربة حقيقية بهذا العمل، تساندها عمالة أخرى أصبحت تصنع دهانات مغشوشة من خلال أحواش تم ضبط الكثير منها يتم خلالها تزوير دهانات معروفة أو إنتاج براميل دهانات بأسماء وهمية، الأمر الذي أوقع كثيرا من المواطنين في مشكلات اضطروا في أحيان كثيرة إلى إعادة دهان منازلهم ومتاجرهم أكثر من مرة. ولم يكن عبدالله السالم ليغفل نقطة مهمة ومؤثرة في الفوضى التي يعج بها سوق الإنشاءات بشكل عام وتنفيذ الدهان بشكل خاص، مبيناً أن ظاهرة التستر هي التي تقف وراء تلك الفوضى العارمة والتي أفرزت كل هذه السلبيات، وقال: إن جميع العمال الذين يمارسون تنفيذ أعمال الدهان وهم ليسوا بمتخصصين فيها هم في الواقع عمالة سائبة يقف وراءهم سعوديون متسترون عليهم، الأمر الذي يفاقم المشكلة، ولذلك أنا أدعو السعوديين أن يتفرغوا لأعمالهم وينظموها ولا يحتموا وراء عمالة قد تسيء إلى سمعتهم وإلى مواطنين آخرين. يعود السالم بالذاكرة إلى الوراء متذكراً المواقف السلبية الناتجة عن فوضى أعمال الدهان من قبل العمالة والتي شهدها أثناء تجربته التي تمتد لأكثر من 35 عاماً، والتي حسب رأيه كان المواطن هو الذي دفع الثمن خلالها غالياً ليس فقط بحصوله على دهان سيئ فقط، وإنما مدى الغش والتدليس الذي كان يحدث من قبل بعض تلك العمالة، يقول: لم تكن العمالة السائبة لا تجيد عمل الدهان فقط، ولكنها كانت تمارس غشاً حقيقياً مستغلة جهل المواطنين تارة وثقتهم تارة أخرى، فكم من مواطن دفع قيمة دهان يحمل علامة تجارية عالمية، بينما تم دهن منزلة بدهان مغشوش وهو لا يعلم ذلك. لكن السالم يبدو متفائلاً تجاه تنامي الوعي لدى الناس، فالعميل الذي كان يدفع بالأمس لأقرب محل دهانات وأقرب عامل في الشارع لم يعد هو كذلك في هذه المرحلة، يقول السالم: خلال العشر سنوات الأخير نما الوعي لدى الناس بشكل كبير، وأنضجتهم التجارب التي مروا بها، وعلموا علم اليقين أن التعامل مع جهة متخصصة هو السبيل الصحيح للحصول على دهان حقيقي من خلال عمل متقن وجودة عالية، ويضيف: خلال السنوات الأخيرة بدأت الأحواش التي تصنع دهانات مغشوشة في الانقراض، وبدأت براميلها التي تحمل أسماء وهمية في التلاشي من السوق، الأمر الذي يعني أن هناك وعياً متنامياً بأهمية أن يكون الدهان معروفاً ويتم بأيد متخصصة، وهو الأمر الذي بدأنا نشعر أنه يتطور خلال العقد الأخير. ويؤكد عبدالله السالم أن التجارب الصعبة هي التي أنضجت رؤية المواطن ورفعت مستوى حذره ووعيه تجاه أعمال الدهان غير الجيدة، وقال: إن الخسائر التي يتلقاها المواطنون الذين نفذوا وربما اشتروا دهانات عن طريق نفس العامل المقاول قد شعروا بصعوبة الأمر من خلال خسائر فادحة، فإعادة الدهان مرة أخرى هي أصعب وأكثر تكلفة من الدهان أول مرة، وهذا لا يشعر به إلا من عانى من دهان سيئ وتعامل مع دهانين من الشارع ليس لهم علاقة بفن ومعرفة أعمال الدهان. يُقر السالم بأن المؤسسات المحترفة والمتخصصة في أعمال الدهان قليلة في البلاد من حيث العدد، إلا أنه يرى أن تحول الناس إليها، وقناعتهم بأنها الملاذ الآمن في ظل التجارب السلبية مع العمالة الفردية هو عامل مشجع على تنامي الاستثمار المؤسساتي والمنظم في مجال تنفيذ أعمال الدهان والديكور، ويقول: المواطن سيدفع للمؤسسة في الظاهر أكثر مما سيدفعه للعمال الأفراد الذين سيتعاقد معهم في الشارع، إلا أن المواطن في الواقع بدأ يدرك أنه بأثر رجعي سيدفع أكثر عند تعاقده مع عمالة لا تجيد أعمال الدهان، وسيدرك ذلك أكثر حينما تبدأ الدهانات في منزله أو متجره بالتقشر بعد عام أو عامين، مما سيجعله يضطر إلى دهانها مرة أخرى وهو الأمر الذي سيكلفه كثيراً، إضافة إلى ذلك، فإنه حينما يقع في هذا الفخ، فإنه لن يجد لأولئك العمال أثراً، بينما لو أنه تعاقد مع مؤسسة معروفة لعاد إليهم عند ما يواجه مشكلة معينة وتفاهم معهم على حلها. يتذكر عبدالله السالم كيف أن تلك العمالة الفردية نافست المؤسسات المتخصصة في أعمال الدهان منافسة قوية قبل عقدين من الزمن، وذلك من خلال هبوطها بالأسعار من ناحية كان يرى فيها المستهلك أن أسعارها مشجعة مما جعله ينجرف وراءها، لكنه اليوم يرى واقعا مختلف، يقول: لقد نافست العمالة الفردية المؤسسات المتخصصة منافسة كبيرة في البدايات، لكن تلك المنافسة تكاد تختفي في هذه المرحلة، فحجم العمل الحالي لدينا ولدى بعض الجهات المتخصصة يوحي بأن تلك العمالة لم يعد أمامها إلا بعض الأعمال البسيطة، الأمر الذي يوحي بأن سوق الدهان بدأ يعيش مرحلة تصحيح كبيرة تحت وقع تنامي وعي المستهلك بشكل كبير، وإيمان المستهلك بأهمية التخصص في تنفيذ الأعمال، كما أن عدم الالتزام من قبل العمال الأفراد هو أمر مزعج جداً بالنسبة للعميل، فأولئك العمال لديهم أسلوب أصبح معروفاً لدى المواطنين، وهو أنه يعمل لديك يوما، واليوم الآخر يعمل في موقع آخر، ثم يعود بعد أيام وهكذا، وذلك من أجل ضمان الحصول على أكثر من مشروع، وهو أمر يجعل المستهلك يبحث عن مؤسسة تحترم تعهداتها وتلتزم بعقودها وتسلم المشروع في الموعد المتفق عليه. في مسألة الالتزام وإنهاء المشاريع في وقتها، يؤكد السالم أنه لا يمكن للعمالة أن تنافس المؤسسات المنظمة، يقول: اليوم نحن كمؤسسة الدهانات العربية مثلاً، لدينا إمكانيات لا يمكن للعمالة الفردية أن تمتلكها، فنحن إضافة إلى الإمكانيات البشرية الكبيرة التي تعمل لدينا، قمنا بتوظيف التقنية والآلة بشكل كبير، الأمر الذي يختزل الزمن بشكل كبير، ويمكننا من الإنجاز وتسليم المشاريع في وقت قياسي، فمثلاً الصنفرة هي من أكثر الأعمال صعوبة في تنفيذ أعمال الدهان، وهي التي تحتاج وقتا طويلا لإنجازها، اليوم لدينا تقنيات وآلات قادرة على إنهاء ذلك العمل في 25 من الوقت الذي يتم بالطريقة التقليدية. وعلى الرغم من تفاؤل السالم بالمرحلة، إلا أنه رغم حجم تلك المشاريع التي تحصل عليها المؤسسة، فإنه يرى أن بعض المهندسين المشرفين على بعض المشاريع يمثلون حجر عثرة أمام إنهاء تلك المشاريع بشكل ايجابي، يقول: إن بعض المهندسين يعرقلون جهود المؤسسات المحترفة في المشاريع الكبيرة، وهؤلاء المهندسون نوعان، إما إنهم جاهلون، وإما إنهم يعرقلون العمل بغية الحصول على رشوة، وقد واجهتنا حالات كثيرة للأسف من هؤلاء، والسبب في تماديهم الثقة المفرطة من قبل أصحاب المشاريع في بعض المهندسين الذين ليسوا أهلاً لتلك الثقة.