يأتيك صاحبٌ أو زميلٌ محبطاً مهموماً جراء عدم نجاحه في تحقيق ما يسميه هدفاً. وتتحاور معه حول القضيّة محل الإحباط فتجده قد أنفق كثيراً من الوقت والجهد في أدوار لا تخدم هدفاً واضحاً. وصاحبك هذا مثل كثيرين يفشلون في تحقيق ما يسمونه (هدفا) لأنهم في واقع الأمر لم يرسموا أهدافاً يمكن قياس مستوى التقدّم فيها ومن ثمّ تنفيذها في زمن محدد. ومن أسباب الفشل في تحقيق الأهداف أن من الناس من يقوم بمهامّ يظنها تخدم أهدافه بينما هو في الحقيقة قد حوّل نفسه أداة لتحقيق أهداف الآخرين. ومن الأسباب الكبرى للفشل عدم الاعتراف بالفشل حينما يقع واعتبار ما حصل درساً لتغيير المنهج والمسار. تجد بين الناس من تقضي المحاولة (الفاشلة) الأولى على طموحاتهم فيتراجعون ويلغون أهدافهم. يعلّمنا التاريخ أن أعظم الإنجازات ظهرت من ركام التجارب الفاشلة التي سبقتها. نعم الإصرار ركن أساس في تحقيق الأهداف وهو غير العناد والمكابرة. ومن أسباب الفشل أيضاً أن تضع أهدافك وكل أركانها التي رسمتها تعتمد على ما عند الناس من إمكانات. تجد أحدهم يخطّط لمشروع تجاري مثلاً فيضع مسؤوليّة نجاح الفكرة على أناس، والتمويل على آخرين، والدعم من هنا وهناك. هذا الشخص في واقع الأمر لم يصنع هدفاً بل خلق أمام عينيه وهماً أضلّه الطريق. ومن هؤلاء من تراه يقضي وقته وهو يلوم الناس على خذلانه وهو في الحقيقة أول من خذل نفسه. ومما علّمتني الحياة أن الفشل الذريع هو المصير السريع لكل من وضع إفشال الآخرين بين وسائل تحقيق أهدافه. عايشت وعاصرت أشخاصاً يقتاتون على سقطات منافسيهم وأقرانهم ورأيتهم بعد (مشاوير) السنين رهيني زوايا النسيان والإهمال. لا تظنّن الحسد والغيرة العمياء وتصيّد أخطاء من خلقهم الله بغير كمال سيفتح لك أبواب النجاح. تأكد أنّ المريض "الغيران" مآله الفشل والخسران. ومن الأسباب التي تجعل كثيرين يدورون في دوائر الفشل والإخفاق كثرة الأماني وندرة الأهداف. كثيرون لا يفرقون بين التحديق في سراب الأماني ومتعة رسم وتخطيط الأهداف. ويتندّر بعض طلابي وأصدقائي على أول سؤال أوجّهه عن الفرق بين الأماني والأهداف حينما يطلب أحدهم الرأي في مشروع أو مبادرة. نعم لأن أغلبنا يعيش على الأماني التي لا تتحقق، أما الأهداف فيمكن تحقيقها بالتوكل على الله ثم التخطيط والعمل. أما أخطر أسباب الفشل فهو أن تضع نفسك في غير موضعها. رأيت من بين الناس من يوهم نفسه والآخرين بقدراته وإمكاناته فينخدع أو يُحسن الظن به من يضعه في موقع قرار أو يصدّره لقضاء حوائج الناس فيتحامق ويتعالم حتى يكشف الله عن الناس الغمّة بإبعاده عنهم. ومن الأسباب التي تجعل الفشل قريناً لمن يقود فرق العمل هو عدم شجاعته في تحمل النتائج السلبيّة. مثل هذا تجد الفشل يتربص به إن بقي يلوم الآخرين على الإخفاق ويحتكر النجاحات غامطاً حق من شاركوه التجربة. * مسارات.. قال ومضى: "من أروع الدروس التي يقدّمها الفاشلون ألا نحذو حذوهم".