الحوادث الغامضة والمعزولة التي يتعرض لها طلابنا في الخارج لا تؤثر في الهدف من الابتعاث وضروراته فهي حالات معزولة ومحاصرة، فالأهداف الكبيرة لا تتحقق إلا بثمن غال وأحيانا بمآس وأحزان. «عكاظ» تسلط الضوء على حقائق وحوادث تعرض لها مبتعثون وصارت ألغازا محيرة تأخذ معها جوانب خفية والأهم من ذلك أن تلك الحوادث لا تقارن بعدد المبتعثين إلى الخارج لكن حجم مأساويتها وأحيانا بروزها يفرض البحث والدراسة والتمحيص. مقتل المبتعث عبدالله القاضي في إحدى ضواحي لوس آنجلوس.. دهس الطالب محمد البادي في مدينة كوكفيل في ولاية تينيسي على يد أحد زملائه أعاد الملف إلى السطح وجدد الحديث حول ما يتعرض له بعض مبتعثينا.. فما هي الأسباب والدوافع؟ هل أصبحت الحالات ظاهرة أم أنها تنتهي في وقتها كأحداث فردية لا قيمة لها؟. السعوديون أغلبية المعلومات والبيانات الإحصائية تشير إلى أن برنامج الابتعاث الخارجي منذ انطلاقته الأولى في العام 1426هـ، تضاعف من 5000 مبتعث ليصل إلى قرابة 200 ألف مبتعث ومبتعثة موزعين على أكثر من 30 دولة، لنيل الدرجات العلمية من أرقى الجامعات العالمية في العديد من المجالات والتخصصات العلمية والصحية والطبية والهندسية التي يتطلبها سوق العمل ومشاريع التنمية الفكرية والعلمية والاقتصادية، وتخرج من البرنامج حتى الآن نحو 55 ألف طالب وطالبة. وطبقا لآخر الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة «كاريان للاستشارات الأكاديمية» المتخصصة بالتعليم الجامعي الأمريكي واعتمادا على آخر إحصائيات وزارة التجارة الأمريكية، يمثل السعوديون رابع أكبر كتلة طلابية في أمريكا، بعد أن ارتفع الرقم خلال العشر سنوات الماضية من 4 آلاف إلى 110 آلاف. الكوهجي والمانع مع تنامي أعداد المبتعثين تم رصد عشرات الحوادث الدامية التي تعرض لها الطلاب والطالبات وبعضها حوادث جسيمة لا تغفلها ذاكرة الأحداث.. منها مقتل الطالب عبدالعزيز الكوهجي في مدينة دينفر بولاية كولورادو الأمريكية في مطلع العام 2001م على أيدي ثلاثة من زملائه بعد خطفه وسرقة مركبته وحسابه البنكي. القضية هذه انتهت بأحد المدانين لقضاء حكم المؤبد في أحد سجون ولاية كولورادو الأمريكية. ولم تكن قضية الكوهجي هي الوحيدة حيث لازمتها وفاة طالب سعودي داخل أحد السجون الأمريكية حيث كان يقضي فيه حكما بالسجن لمدة 60 عاما بسبب إقدامه على قتل طالب يدعى آريل ساشا سيللوك وذلك في 2003. والحوادث هذه لم تقتصر على الولايات المتحدة، فهناك العديد من الحوادث الدموية التي وقعت لطلابنا المبتعثين في أقطار عديدة أخرى من العالم، منها مقتل طالب في نيوزلندا العام 2008 بعد تعرضه لطلقات نارية من مجهولين ثم إلقاء جثته في أحد الأنهار ولم يكشف عن القاتل المجهول حتى هذه اللحظة. ومن الحوادث المؤسفة كذلك مقتل المبتعث سلطان العمري في مدينة جولد كوست في أستراليا في 2012 على أيدي إحدى العصابات الإجرامية ثم مقتل طالبة الدكتوراة المبتعثة ناهد المانع مؤخرا في مدينة كولشيستر في بريطانيا. وفي غالبية هذه القضايا لم يكشف عن الجناة بعد وظل الغموض يحوم حولها. اختفاء العنايشة والشريف حوادث اختفاء غريبة طالت طلابا سعوديين لا يعلم مصيرهم حتى اليوم لعل أشهرها اختفاء المبتعث حمزة الشريف في مدينة ساسكتون الكندية منذ فبراير العام 2011. وبحسب تفاصيل ذلك اليوم الحزين فإن الطالب الشريف خرج في مساء حالك تاركا جميع أغراضه في الشقة السكنية التي يقطن بها بما في ذلك جواز سفره وهاتفه النقال ثم ذهب إلى مصير مجهول ولم يعد حتى الآن وكأن الأرض انشقت وابتلعته. وفي حالة مماثلة وغريبة اختفى طالب آخر في لوس آنجلوس. وما زال مصير سلطان العنايشة الذي اختفى منذ العام 2012 مجهولا.. ولم يدون في حقه غير تسجيل مخالفة مرورية بعد الإعلان عن اختفائه بسبعة أيام. وكالعادة لا أحد يعلم شيئا عن مصير حمزة الشريف وسلطان العنايشة. مرور ووفيات واضح من واقع الحال أن عدوى التورط في مخالفات السير والمرور انتقلت بطلابنا من الداخل إلى الخارج، وأن أغلب الحوادث التي تم رصدها خلال العشر سنوات الماضية نتجت عنها وفيات إذ سجلت الإحصائيات النسبة الأعلى للمبتعثين في الوفيات والإصابات. ولم تقتصر الحوادث على الطلاب الذكور بل شملت النسب والإحصائيات حوادث مرورية مروعة لمبتعثات أيضا، منها حادثة مرورية تسبب فيها سائق مخمور في مقتل مبتعثة سعودية داخل حرم جامعة كولورادو ماين في أواخر 2008. وهناك قضايا أخرى متعلقة بالإرهاب أثمرتها تفجيرات نيويورك، ومنها قضية محاكمة أحد المبتعثين للدراسات العليا في ولاية آيداهو حيث اتهم في العام 2004 بتمويل منظمات إرهابية عبر موقع إلكتروني أسسه خلال فترة ابتعاثه في الولايات المتحدة. وهناك قضية المبتعث خالد الدوسري الذي حكم عليه بالمؤبد في ولاية تكساس في 2013 لاتهامه بمحاولة امتلاك أسلحة إلى جانب عدد من القضايا المتعلقة بالتحاق مبتعثين بتنظيمات متطرفة في سوريا ومنها قضية هروب المبتعث مشعل السويدي من أستراليا مؤخرا للالتحاق بتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا بالإضافة إلى القضية الشهيرة للمبتعث حميدان التركي المحكوم عليه منذ العام 2006 بالسجن 28 عاما بتهم متعلقة بمخالفة أنظمة ولاية كولورادو الأمريكية فيما يتعلق بأنظمة العمل والخدمة المنزلية وإساءة معاملة خادمته، وما زالت هناك شكوك حول وجود أسباب أخرى خفية دفعت المحققين للتربص بالمبتعث التركي على خلفية الحملات الأمنية الأمريكية التي تبعت أحداث سبتمبر. ومن القضايا كذلك المتعلقة بمزاعم خطف واعتداء جنسي وجسدي واغتصاب وتعاطي مخدرات وكحول وعشرات القضايا التي توضح حجم المشكلات التي يعانيها بعض طلابنا المبتعثين إلى الخارج.