المحلل النفسي والمتخصص في القضايا الأسرية والمجتمعية الدكتور هاني الغامدي علق على القضايا والحوادث المتعلقة بالمبتعثين في الخارج وذكر أن الإنسان تقيّده أنظمة وأعراف وخطوط معينة داخل بيئته التي ينشأ ويعيش فيها. وإذا نظرنا إلى هذه الزاوية نجد أن هناك كثيرا من العوامل المحيطة بأفراد المجتمع المسلم، سواء داخل المنزل أو من خلال برامج إعلامية أو خطب الجمعة والكثير من السلوك المجتمعي الذي يعيش فيه الفرد يحافظ عليه.. إذا نزعنا أحد هؤلاء الأفراد من المجتمع الذي نشأ وترعرع فيه وأخرجناه إلى بيئة مختلفة يحدث له نوع من الاضطراب بحكم أنه سيواجه اختلافات كبيرة بين العادات والتقاليد والفلسفات والأفكار التربوية والاجتماعية المختلفة عما كان عليه في المكان والبيئة الأساسية التي نشأ فيها وتعود على يكون فيها بشكل أو بآخر، وبالتالي فهو قد يخطئ ويسير على مسارات لم تكن في الحسبان دون علم ونتيجة لقلة الخبرة. الدكتور الغامدي يضيف إن بعض الأشخاص حينما ينتقلون إلى بيئة مخالفة تماماً عما كانت عليه البيئة الأساسية الخاصة بهم، قد ينحرفون أحياناً حيث تأخذه الجزئيات الفكرية والتربوية لذلك المجتمع فيخرج عن الحياء الذي كان يسانده ويحافظ عليه في البيئة الأولى، وبالتالي يخطئ. وما نراه اليوم في كثير من القضايا والمشكلات التي يتعرض لها المبتعثون والمبتعثات في الخارج نتاج لاعتقاد بعض الأفراد بأن البيئة الجديدة والمجتمع المنتقل له آمن كما هو الوضع في البيئة التربوية الأولى والمجتمع الأول الذي عاشوا فيه، وبالتالي يعتقد هؤلاء بأن هناك استمرارية وامتداد في الأمان من ناحية بيئة وأفراد المجتمع من حولهم بينما الحقيقة والواقع مختلف تماماً ونستشهد في ذلك بقضية المبتعثة التي قتلت مؤخراً في بريطانيا فمن المؤكد أنها كانت تعتقد بأن لا أحد سيعترض طريقها عندما تسير في الشارع في وضح النهار كما يحدث في بلد آمن مثل المملكة. هناك مسائل أخرى - يقول الدكتور الغامدي - وهي عدم وجود ضوابط سلوكية عند بعض الأفراد وبالتالي عندما يخرج هؤلاء إلى دائرة الحرية المطلقة يبدأ وقوعهم في الخطأ، لذلك ينادي الكثير من المختصين منذ سنوات بدء مشروع الابتعاث -وأنا أولهم- بأن يكون هناك موجهون تربويون في الملحقات الثقافية بالخارج ضمن الأندية الطلابية في كافة دول ومدن الابتعاث بحيث يكون هؤلاء مسؤولين عن الحراك السلوكي والفكري وضبط الأفكار والاضطرابات والاختلالات الفكرية والسلوكية التي قد تطرأ على بعض المبتعثين نتيجة البون الشاسع والفارق الكبير بين بيئتنا ومجتمعنا المحافظ عن البيئة المجتمعية والثقافية في الغرب.