بعثت لي إحدى المواطنات قصّة ابنها الطالب في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، في المنطقة الشرقية، الذي طردته الجامعة من سكنها الجامعي، هو وزملاء كُثر له، لمدّة فصل دراسي واحد، بعد مرور فترة طويلة على اكتشاف استخدامهم لسخَّانٍ كهربائيٍ صغيرٍ للطهي في غرفهم، ممّا هو ممنوع في نظام الجامعة لأسبابٍ تخصّ السلامة!. ورغم أنني أؤازر الجامعة على صرامتها في شؤون السلامة، إلّا أنني أختلف معها في تبنّي أقسى درجات سلّم العقوبات، وهو "الطرد من السكن"، خصوصًا أنه لم تحصل حوادث مُفجعة تستلزمه، كما أنّ الطلّاب قد تعهّدوا بعدم تكرار استخدام السخّان، والتزموا بذلك، والجامعة بهذا تقتفي أثرًا رجعيًّا للعقوبات قد تُثار حول صحته تساؤلات قانونية فيما لو وصل الأمر إلى القضاء والجهات العُليا!. وما يزيد الأمر صعوبة على الطلّاب المطرودين من سكنهم، هو أنّ بعضهم من خارج المنطقة الشرقية، أي لا أهل لهم، أو أقارب يحتضنوهم فيها، ولا إمكانيات مادية تؤهلهم لاستئجار شقق قريبة من الجامعة، ولا مأوى لهم سوى غرف زملائهم التي لا تكفي لجميعهم، فضلاً عن تفوّقهم الدراسي الذي يُفترض أن يكون شفيعًا لهم، فماذا يفعلون؟! هل تُقرّ عين الجامعة بـ"هَجْوَلة" طلابها هكذا؟! وهل يرضى مسؤولوها ذلك لأبنائهم؟! ولو انخفض مستواهم الدراسي فمَن المسؤول؟ ولماذا هذا الاستخدام المفرط للقسوة في العقوبات؟! قد يعذر المرء الجامعة إذا طردت الفاشلين دراسيًّا، لكنّ مطرودي السكن.. صحيح لهم هفوة، لكنها ليست جناية، وليست دراسية، وكانت بنيّة حسنة، وما اقترفوها إلّا تلبيةً لنداء بطونهم، واشتهائهم لطعام منزلي كالذي تعوّدوه عند أمّهاتهم، غير ما يقدّمه مطعم الجامعة، غير الشهيّ في وجباته، ولا يستحقون عقابًا شديدًا، ومُوجِعًا، وغير إنساني، وضرره أكبر من نفعه!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، بعثت لي برسالة واتس آب تقول فيها إنه لا عجب أن يكون التواصل متواضعًا بين الجامعة وطلّابها بعد تخرّجهم، فاللين والرفق الغائبان في بعض إجراءاتها نحوهم أثناء دراستهم تجعلهم يبتعدون عنها وجدانيًّا وجسديًّا بعد التخرّج، بينما يُفترض تواصلهم الدائم معها، وما نُزِع اللين والرفق من شيء إلّا شانه، مهما كان مشهورًا، وذا صِيت دولي مرموق!. @T_algashgari algashgari@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain