×
محافظة مكة المكرمة

توقيع «30» عقداً لتنفيذ مشاريع مياه وصرف صحي بمناطق المملكة

صورة الخبر

أصبحت ظاهرة تعثر المشاريع قصة تلوكها ألسنة الناس الصغير منهم والكبير، بل حتى غير المتخصص يتكلم عنها من كثرة ما طرحت ونوقشت وكتب عنها. وأنه من الطبيعي جدا أن يتحدث الناس عنها لأنهم يرون بأم أعينيهم أخطاء ومشكلات كارثية تحدث خلال أو بعد انتهاء المشروع بوقت وجيز. فعلى سبيل المثال بعض الأنفاق ما زالت تعاني من ترسبات المياه، وبعض الطرق السريعة للتو افتتحت ولا يزال فيها كثير من الحفر أو الالتواءات، وبعض المباني أو الجسور يرثى لحالها، وهي قد تكون مهددة بالسقوط بعد بضع سنين من الانتهاء من إنشائها. وهناك مبان يحدث فيها التماسات كهربائية تؤدي إلى حرائق وغيرها من الظواهر التي هي واضحة للعيان ويتناولها الإعلام بين الفترة والأخرى. وهنا نتساءل عن الحلول، وعن المسؤول لوقوع تلك الأخطاء؟. بالنسبة للمسئولية فإنه من السهولة بمكان أن ننتقد رأس الهرم الإداري للمشروع، وهو بلا شك يتحمل جزءا من المسؤولية، ولكني اعتقد أن الجزء الأكبر يقع على قاعدة الهرم وهم المهندسون والمشرفون. ودعوني أتحدث أكثر عن هذا الجانب لأنني أجزم أنه هو (العقدة للمنشار) كما يقولون، ولهم دور كبير في حل المشكلات قبل وقوعها أو تفاقمها. وهم يمثلون عيون المشروع سواء خلال فترة التصميم أو التنفيذ. أما خلال فترة التصميم فلا أعتقد أن هناك عائقا من إبداء آرائهم المهنية والمبنية على حقائق وأرقام عند رؤيتهم لمخالفات فادحة قد تؤدي إلى فشل المشروع قبل بدئه. وهنا لا بد لهم من الإصرار على موقفهم في تصحيح الأخطاء خلال فترة التصاميم لأن ذلك هو خير من التساهل وغض البصر عنها ثم الوقوع في مصائب أكبر خلال فترة التنفيذ أو بعده. وهنا لا بد أن أؤكد أنه إذا كانت التصاميم قد مرت من عند هؤلاء المهندسين وهم عنها غافلون، فكيف نطلب من قمة الهرم تصحيح الأخطاء، لأن أي مشروع يبدأ بأفكار وتصاميم من المهندسين أنفسهم. والمسؤولية تبدأ من الاهتمام أولا بالحضور جسديا وعقليا للاجتماعات الأولية والدورية خلال فترة التصميم الهندسي!!. وحين نناقش الحلول والأخطاء خلال فترة التصاميم علينا أن نطرح بدائل معقولة اقتصاديا حتى يتقبلها الآخرون بسهولة وإلا ما الفائدة من خبرة أولئك المهندسين إذا لم يملكوا حلولا أو أقل تقدير يبحثون عن الحلول!!. وأما خلال فترة التنفيذ للمشروع، فتلك قضية أخرى هي أيضا جدا مهمة وذلك بتفادي الأخطاء منذ البدايات وليس في النهايات. وأول عائق هو أن تدار المشاريع من خلف طاولات المكاتب فقط، فذلك غير معقول ولا مقبول، بل لابد من الحضور الجسدي والذهني لمراقبة المشاريع على أرض الواقع، ولا أظن أن الخروج من المكاتب المكيفة المريحة للإشراف على المشاريع وبشكل دوري سوف ينقص من مكانة المهندسين المرموقة!. وهنا المسؤولية مرة أخرى تقع على كاهل المهندسين المشرفين في القطاع العام أو الخاص. وتبدأ المسؤولية من مراقبة المشروع بشكل يومي أو أسبوعي، وأن يوجه المقاول المنفذ في الموقع للأخطاء أولا بأول. إضافة إلى ذلك أن تطبق الملاحظات الهندسية من خلال الاجتماعات الدورية للمشروع خلال فترة التنفيذ. وإذا قمنا بتلك الخطوات سيعي المقاول المنفذ جيدا أن خلفه من يراقب أعماله، وفي أقل الأحوال لن ترتكب تلك الأخطاء الفادحة الشنيعة التي نسمع بها ونراها بين الحين والآخر. المهندسون المصممون والمشرفون هم خط الدفاع الأول لتفادي الأخطاء المميتة والقاصمة، وهم رأس الداء والدواء لأي مشروع في العالم. وستظل المشاريع متعثرة والأخطاء متكررة، وستظل الخروق في السفينة تكبر وتكبر إذا غض هؤلاء أبصارهم عنها كأنها لا تعنيهم، وحينها ستغرق السفينة بنا وبهم. م. الهندسة الميكانيكية