سخروا منه كثيرا في بداية الدوري، عندما تراجع للمركز (الثالث عشر) في سلم الترتيب، وقالوا إن الريال ليس هو الريال، ومن الصعب أن يعود كما كان، وسيبقى في مراكز الوسط طويلا ولن يكون منافسا على الدوري. الكبار وحدهم يعرفون متى وكيف يعودون، وعادتهم أنهم لا يعشقون الرد بالكلام، وريال مدريد لا يزال (كبير أوروبا) وبطلها وحامل كأسها، ولهذا اختار الوقت المناسب ليرد ويبرهن للجميع أن الكبير يبقى كبيرا. عاد (الريال) بالكلاسيكو وانتصر على غريمه التقليدي (برشلونة) بالثلاثة بوجود ميسي ونيمار وسواريز، ليرسم طريق عودته نحو مكانه الطبيعي الذي اعتاد عليه كثيرا. في أربعه أيام أطاح بفريقين: (ليفربول) العريق في ملعبه في دوري أبطال أوروبا ثم أتبعه في الدوري بـ (برشلونة) الكبير، أسألكم؛ من يستطيع أن يهزم فريقين كبيرين في أربعة أيام غير الريال؟! تقدّم برشلونة بهدف في بداية المباراة، وظن الكثيرون أنها ليلة احتفالية كبيرة للبرشلونيين، وتناسى هؤلاء أن هذا الفارس الكبير عندما يُستفز يكون رده قويا، وما أصعب وأقسى رد الكبار في الملعب! انتفض الريال كالفارس، وترجّل عن صهوة جواده ونفض غبار التعب والإرهاق وقدّم سيمفونية رائعة أخفت ملامح خصمه كثيرا وأسعدت عشاقه فكانت ليلة مدريدية مختلفة. أسباب فوز الريال كثيرة، منها فنية ومنها عوامل تتعلق بتكنيك المدرب خصوصا من قبل أنشيلوتي الذي برهن عن خبرته الكبيرة والتي تغلّب بها على طموح ورغبة لويس أنريكي. لا أحد ينكر أن برشلونة كعناصر أفضل في المهارة والتحكم بالكرة واللعب الفردي ولكن كثرة اللاعبين المهاريين أحيانا بالفريق الواحد تفسد الأداء الجماعي، وهذا ما تفوّق به الريال في المباراة. الريال أثبت أنه من أفضل فرق العالم في الهجمات المرتدة السريعة، وكاد برشلونة أن يكون أحد الضحايا، وبنتيجة كبيرة، لولا تسرع لاعبي الريال وقلة التركيز ودقة التمريرة الأخيرة. أعجبني المدرب الكبير أنشيلوتي عندما قال بعد المباراه: (لكي تهزم برشلونة أنت بحاجة ليلعب فريقك مثلما لعب الريال) في إشارة واضحة إلى أن فريقه قدّم مباراة كبيرة. هناك من وضع اللوم على مدرب برشلونه (أنريكي) لتراجع مستوى الفريق ولإشراكه النجم سواريز من البداية، وفضلوا إشراكه في الشوط الثاني حسب مجريات المباراة والسؤال ماذا لو فاز برشلونة هل سيقولون نفس الكلام؟ أنريكي اجتهد ولم يوفّق، وهو الأدرى بمصلحة فريقه، ولهذا قال بعد المباراة: نعم استحق الريال الفوز وعلينا أن نكون صريحين، لقد ارتكبنا الكثير من الأخطاء، والريال استغلها جيدا، ولا أشعر بأي ندم لإشراك سواريز. أخيرا.. هي مجرد خسارة مباراة لم يحقق فيها ريال مدريد لقبا.. ولم يخسر برشلونة فيها لقبا، ولا يزال الموسم طويلا، والعبرة بالنهاية.