في ظل الحرب الإعلامية المستعرة بجميع قنواتها في الإعلام التقليدي أو الحديث، التي تدور رحاها بين أطراف الصراع السياسي والأيديولوجي على العالم العربي والإسلامي، ظهرت نماذج عديدة تحت مسمى "محلل سياسي سعودي" احتلت بشكل غريب كل زوايا القنوات الفضائية وبرامجها، حيث قد يظهر أحدهم في ثلاث قنوات فضائية أو أكثر في ساعات معدودة وبدون أي حرج. وإذا تجاوزنا قضية الظهور المتكرر بشكل مخجل، وطرحنا "الخجل" جانبا، فإن الأسوأ في الموضوع هو المعلومات الباهتة، والحديث الهلامي لهؤلاء، الذي لا يستند على أي فكرة موضوعية أو معلومة موثقة، مما يجعل هذا الذي يعتقد في نفسه أنه "محلل" يدافع عن مواقف وسياسيات المملكة في موقف ضعيف جدا وأحيانا متناقض. وهذا يؤكد للمتابع أن بعض القنوات المعادية لوطننا، تتعمد استضافة هؤلاء لكي تثبت وجهة نظرها وتعزز موقفها تحت ستار "الرأي الآخر"، لتقنع مشاهديها بأن "عشاق الأضواء" هم ممثلون للرأي الرسمي والشعبي في المملكة. وهذه إحدى مشكلاتنا في مواجهة الحملات الإعلامية الخارجية. ودائما ما أسال نفسي عندما أراهم كل يوم في قنوات فضائية معينة، ألم يحن الوقت لنقول لهؤلاء "كفى".. فإما الظهور بوجه يشرف البلد، ويوضح حقيقة مواقفه بلغة العصر (الأرقام والمعلومات)، وهي ما ستقنع أي مشاهد وتكشف الحقائق كما هي، أو عدم المشاركة من الأساس، وهذا أقل الأضرار في اعتقادي. والسؤال الأهم: ألا يوجد لدينا سوى هؤلاء الثلاثة أو الأربعة الذين لا يتحدثون إلا بلغة إنشائية لا تضيف شيئا، بل العكس إنها "تزيد الطين بلة". ولكي لا نقسو عليهم أكثر، يجب أن تنظر الجهات المعنية في وزارتي الخارجية والإعلام بعين جادة لما ذكره الكاتب خالد السليمان مع عبدالله المديفر ببرنامج "حديث الجمعة" في قناة "روتانا" الذي بث مساء أول من أمس، حيث قال بصريح العبارة: إن أكبر مشكلة يواجهها الكاتب السعودي حاليا هي غياب المعلومة السياسية الحقيقية التي تخص بلده، وعدم التواصل مع الكتاب والإعلاميين لإطلاعهم على اتجاهات السياسة السعودية بشكل سليم، لكي يستطيعوا تنوير الرأي العام الداخلي والخارجي. وهذه نقطة في غاية الأهمية والحساسية، ومن الواضح أنها من أهم أسباب ظهور و"سيادة" عاشقي الأضواء الذين يعتقدون أنهم "خبراء سياسيون"، فشوهوا الصورة وزادوا الضبابية وهم يعتقدون أنهم "يحسنون صنعا".