اليوم يمر عام.. وعام.. وعام.. وألف وأربعمئة وخمسة وثلاثون عامًا! ومازالت الأمة كلها بحاجة لأن تتعلم من جديد دروس الهجرة!. هذا العام تحديدًا ومع زحف الثعالب نحو الكروم، ومع انتشار الغربان التي تنشر السموم، تحتاج الأمة للعودة لدروس الهجرة لتدرك كيف كان النخيل يستطيل وكأن ذؤاباته تستنفر السماء، وكيف كان الرجال الذين عاهدوا الله ورسوله يسوون أسيافهم وأسنتهم، وينطلقون خفافًا في كبرياء.. ليعلّموا الأمة والعالم كله أن الرحيل.. ابتداء!. آن للأمة أن تعيد سيرة الهجرة وتستعيد أجواء المجد، حتى تكشف من جديد زيف ما عاشته من رعب، وتتقيأ ما اعتلفته أزمانًا من معالف المكر والغش والكذب. كان طريق الأمة واحدًا حتى وقت قريب! كان طريقها إلى القدس.. وكان أبناؤها يرددون: إلى فلسطين.. طريق واحد.. إلى فلسطين.. يمر من فوهة بندقية.. الآن لم يعد الطريق يمر من الأنفاق أو من المطارات أو من الموانئ.. فإن مرَّ فإنما يمرُّ متخفيًا في طرحة وجلابية!!. كانت الجبهة العربية واحدة لا جبهات.. مكانها المعنوي الثابت جبين كل عربي أبي، ومكانها الطبيعي.. هناك على الحدود الفلسطينية - الفلسطينية!. هل تعلم الأجيال الحالية أن في مصر شهداءً سعوديين، وفي الجزائر شهداءً مصريين؟ في ليبيا شهداءً مغاربة، وفي العراق شهداءً خليجيين، وفي اليمن شهداءً كثيرين؟!. زمان! كان الأمل في النصر يسطع في النيل، ويعبر إلى بوابة القدس بعد أن ينجلي فوق صدر الشام!. الآن.. صارت الجبهة جبهات، بعد أن انعدمت جبهتنا ووجهتنا الحقيقية.. الدماء العربية تسدُّ في المدن والقرى العربية أبواب الشوارع.. والميادين العربية في العواصم العربية ملأى بالمصائب والفواجع.. خالفنا الحقيقة.. وأصبح كل منَّا يسلك نحو غايته ومنفعته الشخصية المؤقتة طريقه!. والحقيقة باختصار أننا أمة من رملها عرف النقاء شيمة، وبها سرت أسمى رسالة في البشر.. فيها ومنها محمدها العظيم أذاع فاتحة السِّوَر. الحقيقة التي لا نعرفها -ويعرفها غيرنا- أن أمتنا رغم كيد العِدا لا تذوب ولا تضمحل وستظل أمة باقية.. مبجلة.. لهم التراب ولها الأزمان المقبلة. الحقيقة التي ينبغي أن تعيها أجيالنا.. هي أن خرائط الأوطان ستصبح هذه الأيام من حبر ومن ورق إذا لم نحْمِها من الغرق، ونبذل من أجلها الدم والعرق. ولأن أول درس من دروس الهجرة هو الأمل.. فلنثبت ونقاوم ونحتمل فداحة أو خسارة ما قد يخبئه لها القدر.. ولنمسك ونتمسك بتعاليم قائدنا سيد البشر. تتبعوا خطاه.. تتبعوا شذاه.. فخطوه على الطريق لم يزل هداه. يا رب زلزل ولا تبق أحدًا من الطامعين الماكرين الطغاة.. ولا تذر. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain