العدوان الإسرائيلي الأخير علـــى غزة ترك أثره التدميري الذي سيــستمر سنوات عدة... حسرة وألم فــي نفوس الأحياء على الأموات، وعلـــى ما ألحقته طائرات الـ F16، مــن خـــراب وتدميـــر للبنى التحتية. بيد أن فنانين في غزة لهم وجهة نظر أخرى، لمعالجة ما جرى، وتشكيل الأسئلة وفق منظور فني، كما فعل النحات إياد صباح، عبر عمله «تهالك» الذي يحاكي الخراب الذي تركته الحرب على الناس والمباني والمدن عموماً، إذ إن «كل شيء آيل للسقوط»، كما يقول. يصوّر العمل الفني معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعمليات نزوح العائلات خلال العدوان الأخير بطريقة فنية، وقد عرض في حي الشجاعية المدمر في شرق غزة وعلى شاطئ المدينة. تعبّر الأعمال النحتية عن الناس في غزة خلال الحرب، وحالة الهروب إلى أي مكان بحثاً عن الأمان، والهرب من الموت الراصد للناس العزّل. ويعتبر صباح أن هذه الأعمال هي انعكاس لموضوع دراسته في الدكتوراه، وهي علاقة النحت بالفن التركيبي. تماثيل من طين ومواد أخرى كانت عنوان الحزن والدمار اللذين سببهما العدوان الإسرائيلي، العائلة الفلسطينية التي هربت وتحايلت على صواريخ الطائرات والمدفعية الإسرائيلية استطاعت أن تحجز لها مكاناً بين الأحياء وكانت موضوعاً لافتاً لصباح. ولإنجاز العمل الفني المعبر الذي عرض ليوم واحد وسط الدمار يقول صباح: «استخدمت الألياف الزجاجية لتأكيد المعنى، لما في هذه الخامة من قدرة على إعطاء بنيه قوية، مع ترك ظهر التمثال فارغاً تأكيداً لأن الإنسان الفلسطيني نهش من الخلف وأفرغ من إنسانيته ليبقى هشاً من الداخل على رغم ما يقدمه شكله الخارجي من صلابة». ويضيف: «عاش الفنان في غزة حالة رعب وقهر وألم، ولكنه يملك أدوات للتعبير بصياغة تشكيلية معاصرة قادرة على هضم كل آلامه وجرائم الاحتلال ليعبر بطريقة يوصل فيها هذا الإحساس لمن لم يعاصر الحرب ويسلط الضوء على هذه الجرائم». وستعرض الأعمال التحتية، بعد ترتيب مكان آمن لها، لتكون في عرض مستمر ومفتوح أمام الجمهور.