×
محافظة المنطقة الشرقية

تزوير الحقائق

صورة الخبر

تحت أضواء الفرح بالذكرى الـ(83) لتأسيس المملكة العربية السعودية، يخرج السؤال من بين زحمة المحتفلين بهذا اليوم التاريخي المجيد، الذي اجتمع فيه شتات أبناء وبنات الجزيرة العربية تحت راية واحدة وخلف قيادة واحدة، وعلى أرض واحدة. فخرجت دولة حديثة وفتية على المسرح العالمي، لها مكانتها العظيمة في قلوب المسلمين، وتقديرها الكبير في نفوس العرب، وجوارها الكريم لدى الأشقاء الخليجيين. ذلك السؤال الذي يُطل كل عام لتأكيد الولاء وتعزيز الانتماء.. هو سؤال يتمحور حول (الوطن): ما هو الوطن.. وماذا يعني لي؟. أهل اللغة يقولون (الوطن) محل الإنسان، واتطن الأرض أي سكنها، وفي الواقع.. الوطن هو جامع المكونات الثلاثة الكبرى التي تعبر عنه ولا يكتمل إلا بها، (الأرض والكيان والإنسان)، فالإنسان هو الأغلى، والأرض هي الأبقى، والكيان هو الأقوى، فالإنسان يحتاج أرض يعيش عليها وكيان يحميه، والأرض تحتاج إنسان يعمرها وكيان يصنع منها دولة بقيادة تحكمها، والكيان يحتاج إنساناً يكون مواطناً، وأرض تكون وطنا. لهذا فليس الوطن مجرد بلد أعيش فيه، أو أرض أدب عليها، أو كيان أستظل به، بل هو في تعبير مغاير، نعمة الاستقرار، وحضن الأمان، وعنوان العيش. لذلك ينبغي أن نستشعر هذه المعاني السامية. استشعار المعاني السامية المعبرة عن الوطن تبدأ من الوعي المستنير بأن علاقة الإنسان بوطنه ليست علاقة حسية قائمة على المنفعة المادية الخالصة التي قد تنقطع مع أول اختبار، إنما هي علاقة متكاملة في فضاءات غير مرئية من المشاعر الإنسانية القوية، تجعل المواطن يعيش حساً صادقاً بأن هذا البلد بحجمه الكبير يعيش في قلبه الصغير فلا يفترقان، ما يجعل من المهم الفصل التام بين المشاعر المتقلبة أو المتلونة لدى الحاقدين وأعداء الوطن، وبين الموقف الإيجابي الثابت من حب هذا الوطن لدى المخلصين والصادقين، حتى لو كان هذا الوطن في بعض أحواله قاسياً على بعض أهله، وهذا ما عبّر عنه الشاعر العربي بقوله: بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ وأهلي وإن ضنوا علي كرامُ لذلك يخطئ من يحاول محاسبة الوطن في ذكرى تأسيسه، أو يحاول تجريحه في يوم مولده، فيكتب ساخطاً أو يتحدث متذمراً أو يغرد مؤلباً عن خدمات متردية، أو مشاريع متعثرة، أو معدلات معيشة مرتفعة، أو غير ذلك من قصور أو نقص لا ينكره أحد، ولكن لا ينبغي أن يُختزل الوطن في تقصير مسؤول أو فشل إدارة، فالوطن أكبر من ذلك وأعظم كياناً وأعمق حباً. أو أن يستغل هذه المناسبة السنوية السعيدة بالسخرية من فرح الناس وتجديد ولائهم لقيادتهم وصدق انتمائهم لبلدهم، بحجة إخفاقات تنموية هنا أو هناك على امتداد الوطن، وكأنه رجع الصدى لبعض الأبواق الموتورة خارج الحدود. فالوطن يبقى الإطار العام الذي يجمع كل جميل وغال على أرض المملكة العربية السعودية. حفظك الله يا وطني عزيزاً شامخاً آمناً. alkanaan555@gmail.com تويتر @moh_alkanaan