علمنا ديننا الإسلامي الحنيف أن المؤمن ليس لعاناً ولا فحاشاً ولا بذيئاً، وقد جاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق حيث قال:( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) . وحُسن الخلق له منزلة عظيمة عند الله ولهذا حثنا ديننا الإسلامي عليه ، وقد جاء عن ابن القيم رحمه الله انه قال الدين كله خُلق ، فمن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الدين . وللشاعر الكبير احمد شوقي أبيات جميلة في فضل الأخلاق قال فيها : فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا ويقول : وإذا أصيب القوم في أخلاقهم ...فأقم عليهم مأتماً وعويلا .. وقال أيضاً : صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ... فقوم النفس بالأخلاق تستقم . ومن المؤسف أننا نشاهد كل يوم بعض السلوكيات التي يندى لها الجبين ، تصدر من بعض الشباب وحتى كبار السن ، فنشاهدهم يسيئون الخلق بالفاض بذيئة ومشاجرات دامية في الأسواق وفي الشوارع وفي المدارس والحدائق وغيرها ، وانتقلت العدوى منهم إلى المقيمين العاملين في ورش السيارات والمتاجر وبعض المهن الأخرى ، حيث أصبحوا يستخدمون السباب والشتائم التي حفظوها بلغتنا ، وما يلفت الانتباه أيضاً التجمعات التي تُشكل خطراً بين الشباب الذين تأخذهم الحمية ويُسمون ( الفزاعة ) حيث يهبون لحماية زميلهم ومساعدته لينتصر على من يتشاجر معه ، فتقوم معارك قد تسيل فيها الدماء بسبب عدم ضبط النفس عند الغضب ، فيندم الجميع في حين لا ينفع الندم . إن حسن الخلق مطلب ملح لأبناء الأمة وخاصة في هذه البلاد ، لإبراز الوجه الجميل والحضاري للإسلام ، فقد كان الناس يدخلون الإسلام أفواجاً بأسباب الأخلاق الحميدة التي كان يتحلى بها المسلمون ، وقد كنا في هذا البلد إلى وقت قريب مضرب المثل للأخلاق الفاضلة وحسن التعامل مع الآخرين ، فماذا حدث لنا ? إننا في حاجة إلى تدخل العقلاء ممن هم قدوة صالحة في المجتمع ، من آباء ودعاة ومربين وأساتذة لتبصير الناس وحملهم على إتباع الأخلاق والصفات الحسنة ، ونشر ثقافة حُسن الخلق بينهم ، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ، وتحذيرهم من الوقوع في كل ما يناقض الأخلاق الحميدة والسجايا الفاضلة ، والابتعاد عن الفحش من القول والعمل ، ومطالبة وسائل الإعلام بعدم الانجراف خلف الأفلام الهابطة ، والإسفاف الرخيص ، والانحطاط الخلقي ، كما يجب على المسئولين المعنيين بهذا الأمر عدم التهاون مع أصحاب الأخلاق السيئة وتطبيق العقوبات الصارمة بحقهم ، وعدم إعطاؤهم الفرصة لتدمير ما تبقى في المجتمع من أخلاق رفيعة ، فالإيمان مرتبط بالأخلاق ارتباطاً وثيقاً ، حيث قال صلى الله عليه وسلم البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس وقال أيضاً ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء .