×
محافظة المنطقة الشرقية

جوجل تُعلن عن تحديث خدمتها الموسيقية

صورة الخبر

يبدو الشارع التجاري السعودي عصياً على السعوديين مثلما هو منذ عقود، فالشارع الذي سقط في أيدي المقيمين مبكراً، لا زال منقاداً لهم، ومستسلماً بصورة هي أشبه بعملية الاستحواذ الكاملة والإذعان، فقد أدت فرص العمل في القطاع الحكومي بشقيه العسكري والمدني منذ وقت مبكر إلى شغف السعوديين بالعمل الحكومي لما فيه من الأمان الوظيفي والاستقرار، الأمر الذي جعلهم يديرون ظهورهم لفرص العمل التجاري التي نمت وازدهرت منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، الأمر الذي رسخ ثقافة تشير إلى أن الوظائف الحكومية للمواطنين والقطاع الخاص للمقيمين. وفي ظل التحولات الاقتصادية الأخيرة، والزيادة المطردة في النمو السكاني، وبروز البطالة بين أفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً، كان لزاماً على الحكومة أن تنظر إلى القطاع الخاص على أنه الأجدر باستيعاب الخريجين العاطلين عن العمل في ظل عدم توفر وظائف حكومية يمكنها أن توفر لهم فرص عمل، الأمر الذي أفرز محاولات حكومية لا زالت تراوح مكانها مابين نطاقات وحافز وساند، في محاولة لتوظيف السعوديين في قطاع لا يرغبهم ولا يرغبونه. لكن هناك تساؤلات ملحة تطرح نفسها حول عدم قدرة السعوديين على اقتحام العمل التجاري خاصة وأن الشارع التجاري وبالأخص قطاع التجزئة يعد من أقوى وأكبر الأسواق في المنطقة، والذي تسيطر عليه العمالة الوافدة بشكل كامل، فهل حاول السعوديون اقتحام شارعهم التجاري، وما الذي يجعلهم لا يفلحون في ذلك؟ تشير تجارب لمواطنين حاولوا كثيراً اقتحام الشارع التجاري بغية إيجاد موطئ قدم لهم فيه، إلا أنهم خرجوا سريعاً محملين بالخسائر الفادحة، أو أنهم أذعنوا لضغوط كبيرة وانضموا لقافلة المتسترين في القطاع التجاري. يخسر السعوديين مواقعهم في الشارع التجاري لأنهم يخوضون منافسة غير عادلة مع المقيمين، فعلى مستوى المتاجر الصغيرة التي يملكها أفراد، إما أن يتفرغ السعودي للعمل بنفسه في متجره، وإما أن يهيئ نفسه للخروج مبكراً من السوق، الأمر الذي يصعب من خلاله الاستمرار، أو حتى التوسع، فظروف السعوديين الاجتماعية لا تمكنهم من البقاء في تلك المتاجر طوال ساعات النهار وساعات أول الليل، ما يضطرهم للاستعانة بالعمالة كموظفين، الأمر الذي يبدأ يُخل بموازين العملية الاستثمارية للسعوديين، فبحسب مواطنين خاضوا التجربة فإن ولاء العمالة للسعوديين العاملين في المتاجر الصغيرة هي معضلة حقيقية تدفع المواطنين إما للخروج من السوق، وإما لاتفاق مع العمالة ذاتها العاملة في المتجر لتولى العمل به وتعطي السعودي مبلغاً مقطوعاً ضمن ما يسمى بظاهرة التستر التجاري التي يعمل تحتها السواد الأعظم من المقيمين في البلاد. وقد شهد القطاع الخاص تجارب ناجحة لتوطين القطاعات التجارية من خلال قصر العمل فيها على المواطنين، كسوق الخضار الذي صمد لعشر سنين بنجاح كبير حتى سقط مؤخراً في أيدي المقيمين نتيجة لحل مجلس القوى العاملة الذي تبنى المشروع، كما نجحت تجارب أخرى لقصر العمل على السعوديين في قطاعات معينة كالتعقيب، الحراسات الأمنية، الأمر الذي يؤكد أنه لا سبيل للسعوديين لاستعادة ولو جزء من شارعهم التجاري إلا بقرارات جريئة تقصر البيع في نشاطات معينة من سوق التجزئة على المواطنين، الأمر الذي سيجعل البلاد لا بطالة فيها حسب مراقبين.