×
محافظة الرياض

الألعاب النارية تضيء سماء الرياض احتفالاً باليوم الوطني

صورة الخبر

عندما أعلنت هيئة الأمر بالمعروف قرارها بأن رجالها لن يطاردوا سيارة تسوقها امرأة، لأنه لا يوجد قانون مروري ولا حكم فقهي يمنع المرأة من قيادة السيارة، اعتبر البعض ذلك خطوة إيجابية في مسار حق قيادة المرأة السيارة ، فهذه القضية الشائكة تشبه الموقف العالمي من استخدام السلاح الكيماوي في سورية، والناس عندنا والمؤسسات الرسمية وتصريحات المسؤولين تتناوب على استخدام حق الفيتو في شأنها، وفي الرأي العام ينقسمون بطريقة لا تنتج إلا صفراً كما في أسطورة المرأة التي تنقض غزلها ليلاً. هذه القضية حظيت تاريخياً بمبادرتين، الأولى انطلقت في عام 1990 بقيادة 40 امرأة، أحبطت بقسوة، ونُدد بفعلتهن من على منابر المساجد وعوقبت المشاركات بمنعهن من أعمالهن عامين كاملين، وتفاصيل هذه القصة تجدونها في كتاب «السادس من نوفمبر» الذي كتبته اثنتان ممن عشن هذه التجربة. أما المبادرة الثانية فجاءت في عام 2011 أي بعد عشرين عاماً من الأولى، وأطلقتها عبر «يوتيـوب» الكاتبة منال الشريف، إذ دعت إلى الخروج فردياً وليس جماعياً في الـ 17 من يونيو لتقود المرأة سيارتها. تجاوب مع هذه الحملة على صفحات «فايسبوك» 280 ألف سيدة وفتاة، صرخن فيها كما تصرخ أم فقدت وليدها، ورددن شعارات حماسية تعادل حماسة العرب لقضية فلسطين، وقبل الموعد المحدد أوقفت منال الشريف أثناء قيادتها سيارتها، واحتجزت مدة أسبوعين، ثم أفرج عنها قبل موعد المبادرة، وحين جاء الموعد المحدد عرفت الحكومة أن مراسلين للصحافة العالمية تحفزوا في هذا اليوم لتغطية الحدث، وأنه سيتصدر الأخبار العالمية، وفي شأن لم يعد له وجود في العالم كله، وهو منع المرأة من قيادة سيارة، فحتى في أفغانستان تقود المرأة سيارتها، ولهذا السبب أعطيت أوامر للشرطة بعدم التعرض للنساء اللواتي يقدن سياراتهن، فماذا كانت النتيجة؟ لم يخرج في اليوم المنشود سوى 50 سيدة متفرقات في مدن السعودية، وصورن ذلك ووضعنه على «يوتيوب». البعض قال إن ايقاف منال الشريف أسبوعين أخاف السيدات، والبعض قال إن الناس خافوا على بناتهن. اليوم هناك بوادر حملة جديدة حدد موعدها في يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) القادم وتطالب من جديد بحق المرأة في قيادة السيارة، وردود الفعل حولها لا تزال هي نفسها، بين من يقول إنها قضية سخيفة وغير جديرة بالاهتمام، وإن على النساء المطالبة بما هو أهم، مثل فرص عمل وقوانين أحوال شخصية، وبين من يقول إنها قضية تغريبية تريد هدم أخلاق المجتمع، وثالث يوافق لكنه يقول إن مجتمعنا –ثقافياً- غير جاهز. سأقف هذه المرة مع هؤلاء وأوافق على أن كل ما قيل صحيح، لكنني أرى أن من مصلحة الناس تركهم ليعرفوا هذه الحقائق بأنفسهم، فلا تجعلوا هذه القضية تأخذ أكبر من حجمها، ولنتبيّن إن كان فعلاً من سيخرج ليس سوى 10 نساء في كل مدينة، فالأمر لا يستحق كل هذه الضجة. دعوا المجتمع يعرف كم امرأة بالفعل تجد أن ذلك ضروري وممكن. تقولون إن البنية المرورية لشوارعنا بائسة وزحامنا خطر، وإن المربّيات في مدارسنا وبيوتنا لم تخرّج سوى ذئاب بشرية تهاجم النساء! «شكراً كلكم ذوق ومعكم حق»، لكن اتركوا الناس تواجه هذه الحقيقة. إن قضية المنع أو المعالجة المتخبطة تجعل من هذه القضية موضة يقبل عليها الجاد والهازل، المتهور والعاقل، وتغري البعض بالضوء والمجد، وهذا الكلام ينطبق طبعاً على الطرفين المؤيد والمعارض. اتركوا المرأة تواجه حقيقة واقعها. هل ستطيع أم لا؟ تحتج أم لا؟ وإن لم يخرج ويؤكد حاجته لهذا الأمر سوى 10 نساء، فاتركوهن أيضاً، فما ضركم لو تركتم 10 نساء يباشرن قضاء حاجاتهن بأنفسهن ويقدن السيارة، بل ومن حقهن أن يؤمن لهن الطريق، ففي كل مدن العالم نصف عدد السيارات تقودها نساء، وبعض الباصات تقودها نساء، وكذلك بعض الطائرات تقودها نساء ولم ينهر العالم أو يفسد الناس. لهذا أقول -وأنا صادقة ومخلصة- إن على المسؤولين أن يأخذوا «النسوان على قد عقلهن» ويغضوا النظر، و «مشّوها لهن هالمرة وبلاش فضايح». balbishr@gmail.com