سعدت بحضور معرض الكتاب الدولي في الرياض الذي وفر 600 ألف عنوان لأكثر من 900 دار نشر من 31 دولة، وزاره حوالى مليوني زائر، لن أحدثكم عن المعرض فقد تحدث عنه كثيرون، ولا عن النقاشات الجانبية التي تهمني دائما، لكن بداية لا بد مما ليس منه بد وهو شكر وزارة الثقافة والإعلام لدعوتها الكريمة، وللجنة الثقافية في المعرض، بالخصوص مديرها الدكتور زيد الفضيل وجهده الكبير لتنظيم الفعاليات الثقافية المصاحبة. لفتني بداية الحشود الكبيرة ومعظمها لشباب في مقتبل العمر، وهذه بشارة خير أن أمة اقرأ لاتزال تقرأ، كان مهرجانا ثقافيا حرك الساكن فينا عن حب المعرفة والقراءة، لفتني أيضا كثافة حضور رجال الحسبة، وهم المتعاونون مع هيئة الأمر بالمعروف، والمفترض الاكتفاء بوجود رجال الهيئة بلبسهم الرسمي. أما أن يلقي محتسب محاضرة عن طريقة فهمه الضيقة للدين وتفسيره لما يراه ويسمعه، فهذا يتجاوز حرية الرأي إلى فرضه، وتأثيم من يرفضه مع أن الحلال بين والحرام بين، ومع يقيني بجدوى حضور رجال الهيئة إلا أن حضور هؤلاء المحتسبين قد شوه عمل الهيئة المقبول المتزن، لأن معظم أولئك المحتسبين يفتقد أهمية حسن الظن بالناس واللياقة الذهنية المطلوبة للتعامل مع حشود كبيرة كهذه، لفتني أخيرا أن وزارة الإعلام التي تعبت ونظمت وصرفت لم تبث قناتها الثقافية الندوات على الهواء مباشرة، وهي ندوات علمية متخصصة، بل تجاهلت القناة بعض الندوات والفعاليات، ولم تعد بثها حتى بعد منتجتها وتصفيتها، لم يزل بعض موظفي الوزارة يستمرئ دور الرقيب العتيد ذي القلم الأحمر الذي قد يحجب ندوة كاملة لورود بعض الكلمات المتجاوزة فيها، مازال مبدأ المنع والحرق عامة لأية مخالفة خاصة أو صغيرة، لعل أوضح مثال قفل جناح دار نشر بالكامل لمجرد وجود عنوانين أو ثلاثة متجاوزة كان من الممكن سحبها، بل ومعاقبة وتغريم من قام بها بهدوء وحكمة دون شوشرة ستسيئ لاسم الدولة وسمعتها خارجيا، لن يلتفت أحد هناك لتفاصيل قفل جناح بكامله، بل وكما حدث فعلا، سيقولون الدولة منعت الكتاب وتضيع جهود وسمعة توفير الآلاف منها بسبب كتابين أو ثلاثة غير مناسبين.