واصلت سوق الأسهم السعودية مسلسل نزفها الحاد خلال تعاملاتها يوم أمس الأربعاء، إذ أغلق مؤشر السوق العام على تراجعات جديدة يبلغ حجمها 274 نقطة دفعته للتراجع دون 10 آلاف نقطة، وهو الحاجز الذي نجحت السوق المالية السعودية في اختراقه صعودا أواخر شهر رمضان المنصرم بعد إعلان مجلس الوزراء في البلاد فتح السوق أمام المؤسسات المالية الأجنبية. وتلعب أسعار النفط دورا بارزا في الضغط على أسهم قطاع البتروكيماويات في السوق المالية السعودية، فيما قاد تراجع حجم الأرباح المحققة لبنك الجزيرة سهم البنك إلى تراجعات حادة خلال تعاملاته يوم أمس، حيث أغلق على انخفاض تبلغ نسبته 7 في المائة. ويبدو أن معدلات الثقة بتعاملات سوق الأسهم السعودية تتناقص يوما بعد آخر، حيث ما زال المتداولون يبحثون عن مخرج لخسائرهم التي تكبدوها خلال الأيام القليلة الماضية، ما قاد البعض منهم إلى البيع بخسائر فادحة بسبب حالة الهلع التي اجتاحت نفوسهم، في ظل تراجع أسعار النفط بصورة حادة خلال الفترة القريبة الماضية. ومن المتوقع أن تنعكس إعلانات الشركات عن نتائجها المالية في الربع الثالث من هذا العام، على أداء أسهم الشركات المدرجة، حيث أعلنت 3 بنوك محلية نموا في أرباحها المحققة خلال هذه الفترة، مقارنة بإعلان بنكي «الجزيرة» و«الراجحي» يوم أمس تراجعا في حجم أرباحهما. كما شهدت أرباح شركات الإسمنت المعلنة حتى الآن تراجعا في حجم الأرباح المحققة في الربع الثالث من هذا العام، وهو أمر طبيعي خلال هذا الربع، نظرا لأن فترة الربع الثالث تصادف حلول شهر رمضان المبارك، وهو الشهر الذي تنخفض فيه عمليات الإنشاء في السعودية بشكل ملحوظ. وفي السياق ذاته، أغلق مؤشر سوق الأسهم السعودية، يوم أمس، على تراجعات حادة بلغت نسبتها نحو 2.69 في المائة، وسط حالة من الذعر والبيوع العشوائية التي بدأت تسيطر على نفوس المتداولين، فيما بلغ حجم السيولة النقدية المتداولة نحو 7.3 مليار ريال (1.9 مليار دولار). وأغلقت أسهم 145 شركة مدرجة في تعاملات السوق، يوم أمس، على انخفاضات مقابل ارتفاع أسعار أسهم 14 شركة أخرى، ما يعطي مؤشرا على أن حالة الانخفاض الحادة لا تصيب جميع أسهم الشركات المدرجة، كما هو حال السوق إبان انهيار عامي 2006 و2008. مقابل ذلك، أعلن مصرف الراجحي يوم أمس تحقيقه أرباحا تبلغ قيمتها نحو 1.62 wمليار ريال (432 مليون دولار) خلال الربع الثالث من هذا العام، بانخفاض تبلغ نسبته 3.2 في المائة عن أرباح الربع المماثل من العام الماضي، وانخفاضا تبلغ نسبته 14.73 في المائة عن الربع السابق. فيما أعلن بنك الجزيرة تحقيق أرباح تبلغ قيمتها نحو 47 مليون ريال (12.5 مليون دولار) خلال الربع الثالث من هذا العام، بانخفاض تبلغ نسبته 75 في المائة عن أرباح الربع المماثل من العام المنصرم، وبانخفاض تبلغ نسبته 71 في المائة عن أرباح الربع الماضي. وأمام هذه التطورات، أكد الدكتور غانم السليم، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أن التفاوت الكبير في أرباح البنوك السعودية يعطي مؤشرا على حدة المنافسة، وقال: «ليس من المعقول أن يكون انخفاض الأرباح بنسبة عالية أمرا واردا، وربما يعود ذلك إلى حدة المنافسة في السوق المحلية». ولفت السليم إلى أن كسر مؤشر سوق الأسهم السعودية حاجز 10 آلاف نقطة هبوطا يوم أمس، زاد من حدة البيوع العشوائية، ما قاد المؤشر العام إلى زيارة مستويات 9900 نقطة مجددا، وسط أمنيات بأن ينجح مؤشر السوق العام في العودة إلى اللون الأخضر خلال تعاملاته اليوم. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يجري فيه يوم الأحد المقبل طرح 25 في المائة من أسهم البنك الأهلي التجاري، بما يعادل 500 مليون سهم من أسهم البنك البالغة ملياري سهم، وهو الطرح الذي سيستمر لمدة أسبوعين، والذي يعد ثاني أكبر اكتتاب في العالم لعام 2014. وقال منصور الميمان، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي التجاري: «إن طرح أسهم البنك يستمد أهميته من أهمية القطاع المصرفي في السعودية، حيث إنه من أكثر القطاعات نموا، كما يمتلك البنك الأهلي التجاري خططا استراتيجية للأعوام المقبلة تتميز بوضوحها وعمقها». وأضاف: «البنك الأهلي بنك رائد في تقديم الخدمات المالية المتميزة، ويأتي الاكتتاب في البنك الأهلي التجاري، وهو أكبر طرح أولي تشهده السوق السعودية، كخطوة مهمة يستكمل بها إدراج كل البنوك السعودية المحلية الـ12 المدرجة في سوق الأسهم السعودية». ومن المنتظر أن تلعب تلك الخطوة المهمة دورا مؤثرا ومهما في الاقتصاد الوطني، وتعزز ثقة المتعاملين بسوق الأسهم السعودية، حيث سيتيح ذلك أيضا فرصا استثمارية إضافية للمواطنين السعوديين، ويضيف عمقا استراتيجيا لسوق الأسهم، بما يمثله من إضافة قوية للقطاع المصرفي والاقتصاد المحلي بوجه عام. وأكد الميمان - في الوقت ذاته - أن البنك الأهلي التجاري بالتعاون مع «جي آي بي كابيتال» و«إتش إس بي سي العربية» السعودية (المستشارين الماليين ومديري الاكتتاب)، يعمل على إنهاء كل الاستعدادات اللازمة مع البنوك المستلمة بهدف استقبال طلبات المكتتبين. ولفت إلى أن البنوك المتسلمة لطلبات الاكتتاب هي: مجموعة سامبا المالية، والبنك الأهلي التجاري، وبنك الرياض، والبنك العربي الوطني، والبنك السعودي الهولندي، والبنك السعودي للاستثمار، والبنك السعودي الفرنسي، والبنك السعودي البريطاني، مضيفا أنه جرى تسخير جميع الإمكانيات والقدرات التي ستتيح للمكتتبين من الأفراد إنجاز الاكتتاب بيسر وسهولة عبر فروع البنوك المستلمة المنتشرة في جميع أنحاء المملكة، أو عبر وسائلها الإلكترونية المتعددة والمتاحة على مدار الساعة طوال فترة الاكتتاب.