أمين جدة الدكتور هاني أبو راس شغل منصبه في فترة حرجة، وكان هذا بعد أزمة سيول جدة الأولى وأثناء الأزمة الثانية، والرجل لم يكن معروفا قبل الأمانة، وهو حال مشترك بينه وبين معظم الأمناء السابقين، فهم يأتـون هكـذا بدون مقدمات، وكأنهم خادم المصباح الذي يستدعيه علاء الدين في الحكاية الشهيرة، وقد كان الدكتور أبو راس موفقا في إدارته للأمانة طوال السنوات الماضية، والدليل التمديد له لأربع سنوات إضافية في مايو، وأنه تصدر القائمة القصيرة لأفضل خمسة وعشرين رئيس بلدية في العالم، وسيتم اختيار واحد من هؤلاء ليصبح أفضل رئيس بلدية في العالم في يناير 2015 والفرص متسـاوية، وحتى في حـالة الخسارة، سيكون أبو راس أول عربي من المحيط إلى الخليج يصل إلى هـذه المرحلـة في تاريخ الجـائزة، والأخيرة عمرها عشرة سنوات وفاز بها ستة أمناء بلديات، وقد مثلوا مدنا في ألبانيا واليونان وجنوب أفريقيا والمكسيك وإسبانيا. الجائزة لا تجامل أحدا، وتعتمد معايير صارمة كالقيادة والنزاهة والقدرات الإدارية، والمفروض أن يتوقف التصويت الخاص بسنة 2014 في أكتوبر الحالي، وتفوق الدكتـور أبو راس بدأ بتميـزه في مرحلة الابتعاث لأمريكا، وإنجازاته تؤهله تماما، فقد تعامل مع أزمة السيول الثانية باحترافية، وأدخل تطبيقات الحكومة الإلكتـرونية إلى الأمانة، وبدأت في عهده المشاريع الكبيرة، وطور في واجهة جدة البحرية، وفي شكل العروس بالكامل. لا أقول هذا دفاعا عن أبو راس؛ لأني لا أعرفه على المستوى الشخصي، ولكني لم أفهم أسباب محاربته من أول يوم دخل فيه إلى الأمانة، وما يدور حول ملابسات تعيينه وقرابته بالأمين السابق، والتلميحات عن علاقته بحالات فساد وقعت أيام طفولته، وهذا غير ممكن بطبيعة الحال، وحاليا يتهم الرجل بأنه مسؤول عن حادثة ذهب ضحيتها والد ووالده في «بيارة» مجاورة لمركز تجاري بشارع من فئة الخمسة نجوم، وقالت الأمانة في توضيحهـا إن «البيارة» لا تخضع لإشـرافها ومراقبتها، وأنها ملكية خاصة تتبع المركز التجاري، والمعنى أن صاحب المركز يتحمل مسؤولية ما حصل، والثاني قد يحيل المسؤولية إلى عامل بسيط يعاقب ويسفر، ثم يأتي بعدها من يرى في رد الناطق باسم الأمانة استفزازا ويطالب بأشياء غير معقولة، والأصوب المطالبة بمحاسبة النـاطق مصـدر التصريح العجائبي، فالأمين لم يقل شيئا، والناطق نفسه لم يتكلم نقلا عنه، ومقام الإمارة كلف لجنة مشكلة من الجهات ذات العلاقة، مهمتها نظر القضية وتقديم نتائج تكشف الملابسات والمتورطين فيها. بالتأكيد، لا أحد يتصور ما حدث، وكل التعازي والدعوات الصادقة لعائلة الفقيدين ــ يرحمهما الله، ولا بد من حل نهائي لمشكلة الأبيار و«البيارات» المكشوفة في المدن وخارجها، وخصوصا في مدينتي الرياض وجدة، فقد تتعثر عائلة ديبلوماسي غربي أو عربي وتسقط في بئر أو «بيارة» مستقبلا، والأسـوأ أن تموت في داخـله أو داخلها، والدولة المتضررة لن تسكت على وفاة عوائل سفرائها وقناصلها وممثليها، وبالتالي لا بد من اجتماع موسع تشارك فيه الجهات المعنية بالموضوع، ويقـوم بدراسة التداعيات المحتملة وأساليب التعامل معها، أو أن تقرر وزارة الشـؤون البلدية والقروية والوزارات صاحبة الاختصاص مشروعا وطنيا بميزانية محترمة، وتعمل على استحداث جهاز مهمته الوحيدة مراقبة الأبيار والبيـارات وقفل المكشوف منها، أو تـزويده بوسـائل سلامة وحماية مناسبة، أو تعقب المخالفات البسيطة وإزالتها، فالأمانات مشغولة بـأمور أهم وأخطر..