بدأت الانطلاقة الحقيقية لصناعة تحلية المياه بالمملكة وبحسب تقرير صدر مؤخراً للمؤسسة العامة لتحلية المياه في عام 1346 للهجرة عندما أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر الأحمر بهدف مساعدة أهالى جدة للحصول على المياه العذبة ومن أجل تأمين مصدر مياه ثابت للحجاج والمعتمرين الذين يصلون الى جدة عن طريق البحر. ومنذ تلك اللحظة والمملكة تعمل ما في استطاعتها لتأمين المياه العذبة لسكانها، خاصة وان معظم اراضي المملكة يغلب عليها الطابع الصحراوي وتندر فيها المياه والامطار. ولقد تضاعفت قدرة وطاقة المملكة لانتاج المياه آلاف المرات منذ ذلك الحين. وكشفت المؤسسة العامة لتحلية المياه في تقريرها أن المملكة تتصدر كل دول العالم بانتاج المياه المحلاة من مياه البحر. وتنتج المملكة حالياً مليارا وستة ملايين متر مكعب من المياه سنوياً وهو يعادل 18% من الانتاج العالمي. وتنتج هذه الكميات الكبيرة من المياه المحلاة بالتساوي ما بين الساحل الشرقي والساحل الغربي للمملكة. وأوضحت المؤسسة في تقريرها انها ايضاً مصدر مهم للكهرباء بالمملكة ولقد وصلت كميات الطاقة التي انتجتها المؤسسة للعام 1434/1435هـ 15.9 مليون ميجاوات ساعة بعد ان كانت 14 مليون ميجاواط ساعة في عام 2012م. وبذلك تصل نسبة الطاقة المنتجة من محطات التحلية الى حوالي 7.5 % من اجمالي الطاقة المولدة من الشركة السعودية للكهرباء والتي وصلت بحسب التقرير الأخير لهيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج إلى 198 مليون ميجاوات ساعة. وتصل إلى أكثر من 6% من اجمالي الطاقة المباعة في المملكة والتي وصلت بحسب تقرير هيئة تنظيم الكهرباء الى 256 مليون ميجاوات ساعة. اذاً المؤسسة العامة لتحلية المياه تساهم ايضاً بتزويد الوطن بالطاقة الكهربائية والتي ينمو الطلب الداخلي عليها بشكل متسارع بسبب الزيادة الكبيرة بعدد سكان المملكة وارتفاع مستوى المعيشة والذي اصبح يضاهي الدول المتقدمة. وكشفت المؤسسة عن المشاريع القادمة والتي ستكون كالتالي: مشروع محطة جدة المرحلة الرابعة بالتناضح العكسي وبقدرة انتاجية 144 مليون متر مكعب سنوياً، ومشروع محطة رابغ المرحلة الثالثة بقدرة 216 مليون متر سنوياً، ومشروع محطة الجبيل المرحلة الثالثة بقدرة تصل الى 540 مليون متر مكعب بالسنة بالاضافة إلى ثلاثة مشاريع اخرى صغيرة بقدرة اجمالية تقدر بحوالي 10 ملايين متر مكعب بالسنة. وبذلك تصل القدرة الانتاجية للمشاريع المستقبلية المزمع اقامتها الى حوالي 0.95 مليار متر مكعب بالسنة وهو يعادل أكثر من 80% من قدرة الانتاج الحالية. لاشك أن النهضة الكبيرة التي تشهدها المملكة بانتاج المياه العذبة تعد تجربة فريدة بالعالم ولاسيما وان الظروف المناخية والجغرافية حرمت المملكة من مياه الأنهار والبحيرات العذبة. وبفضل الله استطاعت المملكة تحدي كل الصعاب وعملت المستحيل لتوصيل المياه المحلاة الى كل بيت في كل مدن المملكة. والحقيقة أن لبلوغ هذا الهدف ثمنا باهظا وهو توفير الوقود اللازم من مشتقات النفط من زيت وقود وغاز طبيعي لتبخير مياه البحر حتى نستطيع الاستمتاع بالمياه المحلاة. وتم تزويد هذا الوقود بأسعار رمزية لا تتعدى 5 دولارات للبرميل وبينما يصل سعرها العالمي الى حوالي 100 دولار. وبذلك تكون حكومة خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله ورعاه- قد دعمت انتاج المياه المحلاة بكل ما تستطيع. ومما يؤلمنا أن نرى بعض المشاهد التي تهدر فيها المياه بلا حساب ولو عرف المواطن كم التكلفة الحقيقية لانتاج هذه المياه لقدر الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة من أجل راحته ورفاهيته. يستهلك سنوياً حوالي 70 مليون برميل من زيت الوقود وغيره كوقود لانتاج المياه العذبة ويوفر هذا الوقود بسعر اقرب الى المجان وقد تصل تكلفة دعم الوقود السنوي في محطات التحلية الى حوالي 20 مليار ريال. اذاً هذا الماء قد كلف الكثير حتى يصل الى بيوتنا ولذلك ندعو الجميع الى المحافظة على المياه وعدم اهدارها.