حدد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية ومعه نخبة من الشخصيات السياسية والبرلمانية الأردنية آليات مواجهة الفكر «الداعشي» داخل المجتمعات العربية والإسلامية، معتبرين أن طريق الوعظ والإرشاد ودور المسجد إضافة لإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية للمجتمعات التي تعاني من أزمات وخلق فرص عمل للشباب هي الطرق الأوحد لمنع تغلغل هذا الفكر في قلب هذه المجتمعات. واجمعوا خلال أحاديثهم لـ «المدينة» أن التوعية تبدأ بإدراك أسباب المشكلة خاصة الداخلية، ومن ثم تحليلها ومعالجتها من خلال تعزيز الخطاب الإسلامي وهي جزء من عملية الإصلاح التي يجب أن نقوم بها الآن نحو خطاب إسلامي معاصر. داعش ليست إسلامية وقال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، الدكتور هايل عبدالحفيظ داود، إن «داعش» ليست هي الدولة الإسلامية ولا طريقتها إنما هي تنظيم قفز بالقوة على منطقة واحتلها بطريقة غير شرعية وأن خطرهم على صورة الإسلام الحقيقية أكثر من الأنظمة. وأضاف وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الأردني أن خطر داعش داخل المجتمعات أشد وأقوى من الخارجي، لافتًا إلى أن امتداد هذا التنظيم في المجتمعات العربية والإسلامية ليس عميقًا حتى الآن لكن يجب العمل على منع أفكاره من التعمق داخل المجتمعات الإسلامية. وأعلن الوزير داود أن العبء الأكبر لمواجهة الخطر يقع على وزارات الأوقاف في الدول العربية والإسلامية ضمن خطة محكمة لمواجهة هذا الخطر الفكري، الذي يتدثر بلباس إسلامي ولفت إلى أن وزارة الأوقاف الأردنية أعدت خطة منذ أشهر بمبادرة ذاتية للتعامل مع هذا الملف، الذي يستهدف تشويه صورة الإسلام، حيث قمنا بتفعيل الدور الدعوي والإرشادي للوزارة. وقال الوزير داود إنه لا يوجد خطباء في الأردن يروجون لداعش لكنه تمت معالجة بعض الخطباء، الذين يحملون فكر داعش وأكد الوزير أن الوزارة تحكم سيطرتها على المساجد وتطبق القانون على كل من يخرج عن الثوابت الدينية والوطنية، وذلك من خلال النصيحة والتوجيه والإرشاد أولًا ثم التنبيه والإيقاف الجزئي والكلي أخيرًا، وقال إنه تم إيقاف قرابة 20 خطيبًا خلال هذا العام لاستخدامهم أسلوب القدح والذم والتشهير رغم تنبيههم أكثر من مرة لإخلالهم بالقانون. وكشف الوزير عن حالات محدودة جدًا تحاول السيطرة على منابر المساجد بالقوة ولا تعترف بالإمام الشرعي من قبل الوزارة وتتم معالجة أمرهم من خلال القانون. تجفيف منابع الفكر الإرهابي من جانبه قال مساعد رئيس مجلس النواب الأردني محمد الردايدة: إن الأيديولوجية التي يتبناها تنظيم داعش أصبحت منتشرة في التيار السلفي الجهادي في المنطقة وهناك نمو في تيار الشباب الراديكالي المتأثر بالظروف المحلية والإقليمية، والذي بات يؤمن بأفكار هذه التنظيمات ولفت إلى أن محور القلق اليوم ليس مرتبطا بالعمليات الأمنية بالدرجة الأولى لهذا التنظيم، إنما مرتبط بتنامي درجة الثقافة والمعتقدات والإيمان بأفكار هذه التنظيمات المتطرفة لدى فئة من الشباب العربي والإسلامي. ثقافة الكراهية مرفوضة وأشار النائب الردايدة إلى أن الأنظمة نجحت في الحد من خطورة داعش على المستوى الأمني لكن مطلوب الاستمرار بهذا الدور في الجانب الثقافي والفكري لتجفيف منابع هذا الفكر، مبينا أهمية إدراك الحكومات للجانب الثقافي والتوعوي وهو السد المنيع لمواجهة خطر مثل هذه التنظيمات الإرهابية، فضلا عن ارتباط الإصلاح السياسي والشعور بتعزيز مبادئ العدالة وإيجاد الحلول لمشكلات البطالة والفقر ودحض وتفنيد أيديولوجية الفكر المتطرف. وركز مساعد رئيس مجلس النواب على أن فكر التنظيمات الإرهابية ولا سيما داعش هو نتيجة للظروف الإقليمية التي تشهدها المنطقة وليس سببا وضرورة التعامل معها على هذا الأساس، وأكد أن الحلول لمواجهة هذه التنظيمات يكمن في إعادة النظر بالفكر السياسي وإعادة الاهتمام بالجانب الثقافي والعمل على إعادة بناء جسور الثقة بين الحكومات والمواطنين، وذلك من شأنه استنهاض الروح الوطنية في مواجهة مثل هذه الظروف. النائب في البرلمان الأردني أمجد المسلماني قال إنه لا بد من أن نشعر بالمسؤولية المشتركة تجاه هذا الموضوع، وهناك أسباب داخلية أسهمت في ظهور هذه الحركات في عدد من الدول فظهورها حديث جاء ضمن معطيات سياسية واجتماعية. وأشار إلى أن التوعية تبدأ بإدراك أسباب المشكلة خاصة الداخلية ومن ثم تحليلها ومعالجتها من خلال تعزيز الخطاب الإسلامي وهي جزء من عملية الإصلاح، التي يجب أن نقوم بها الآن نحو خطاب إسلامي معاصر. وأشار النائب المسلماني إلى ثقافة الكراهية والتكفير التي قامت بعض الدول العربية باستغلالها لمصالح سياسية من خلال دعم روح التكفير والطوائف الأخرى وجاءت داعش لتعمل على تأسيس هذه الفكرة وبناء هذه الكراهية والبغضاء العميقة في نفوس هؤلاء الناس.. وقال إن الروح الوطنية هي جزء من هذا الخطاب الإسلامي المستنير الذي ندعو إليه لأن الوطنية واجب من واجبات المسلم المستنير الذي يعرف حقوقه وواجباته والذي يجب عليه أيضا أن ينطلق من مفهوم المواطنة والإحساس بالمسؤولية والواجب تجاه وطنه ومجتمعه مشيرا إلى أن المواطنة يجب تعزيزها في الخطاب الإسلامي. ونوه النائب المسلماني بأهمية تعزيز بناء المجتمع المدني القائم على المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء البلد الواحد دون تمييز وتعزيز الجبهة الداخلية للوطن وتكافؤ الفرص والمساواة والتكافل الاجتماعي والروح الوطنية لدى الشباب وتعزيز مفهوم المواطنة لديهم بالقضاء على كل أشكال الفساد. لا وجود تجذر للتنظيم بالمجتمعات من جانبه قال النائب في البرلمان الأردني، أحمد الجالودي، إن الأزمة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية في الوقت الراهن متشعبة وليست محصورة باتجاه واحد، مضيفا أن الأمة تعاني من حالة ترد في جميع مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية نتيجة وجود حالة ضمور في تجديد الفكر- على حد تعبيره. وأوضح أن الفكر المتطرف هو وليد ردود فعل وليس فكرا أصيلا بصفة عامة، كما أن الفوضى الطائفية وفقدان الأمل في أي تطور حقيقي على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة ساهم في حضور هذا الفكر فكريا وماديا وعسكريا على الساحة العربية على وجه الخصوص. وأكد النائب الجالودي عدم وجود تجذر للتنظيم على مستوى المجتمعات لكن يمكن أن تسهم الظروف الاقتصادية الصعبة وحالة الضنك والشعور بانعدام العدالة الاجتماعية، التي يعيشها العديد من أفراد المجتمعات في بعض البلدان العربية والإسلامية في تشكيل حواضن لهذا الفكر في لحظة ما على بحسب قوله. وركز على ضرورة مواجهة الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية، التي تشوه صورة الدين الإسلامي من قبل الدعاة ورجال السياسة والإعلام وصناع القرار عبر طرح حقيقة دين الإسلام ورسالته السمحة والعمل على تمتين ركائز الإصلاح وقواعد الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والشفافية والحريات. وقال رئيس لجنة أحزاب المعارضة الأردنية الدكتور منير حمارنة، إن فكر التنظيمات الإرهابية مثل داعش لا ينطلي على أبناء الأمة لكن ما يفوقها خطورة عوامل الفقر والبطالة والحاجة ملحة اليوم لإيجاد الحلول الجذرية للإصلاح وتأمين حقوق المواطن ليشكل بالتالي قوة داخلية لمواجهة أي خطر خارجي. وأشار الدكتور حمارنة إلى ضرورة إبراز الإعلام الإسلامي الهادف والجهات الدينية المعتدلة لمواجهة أي فكر متطرف إضافة إلى تجسيد الإصلاح الحقيقي على أرض الواقع بجميع أشكاله مع ربطه بتطوير الأنظمة والقوانين.