عبدالعزيز السويد تزداد الأعمال التطوعية في موسم الحج، ومن أكثرها انتشاراً تقديم وجبات مجانية لضيوف الرحمن، يقوم على هذه الأعمال جمعيات وأفراد يستهدفون فعل الخير، وفيها أيضاً «نشاط» تجاري، تسوّق جهات تجارية لهذه الأعمال بالتخفيضات أو التغليف والتوصيل وغيرها من وسائل الجذب، لا شك في أن هذا من أفعال الخير، لكنه في واقع مشاهدات تحدث كل موسم يزيد عن حده لينقلب إلى ضده، فنكتشف أن الكثير من هذه الوجبات ترمى في الطرقات، وربما في النفايات، وهي صالحة للاستهلاك داخل عبواتها الأصلية! و في هذا امتهان وضياع للنعمة، وأتوقع أن «التوزيع» مسؤول عن ذلك، بمعنى أن الاتفاق يكون لتوزيع كذا وجبة، ليقوم الموزع جهة كانت أم فرداً بنثر هذه الوجبات على من يصادفه من الحجاج حتى ولو لم يكن في حاجة إلى الأكل تلك اللحظة، أيضاً الحاج وهو مشغول بحجه لا يستطيع حمل أغراض معه، بل إن الجهات الأمنية التي تعمل على إدارة الحشود وتنظيم الحركة تمنع حمل أغراض عند أداء المناسك لخطورتها على الجموع المزدحمة. ما الحل إذاً؟ كيف نجمع بين تشجيع فعل الخير وخدمة الحجاج من دون الوقوع في مثل هذه الظواهر السلبية؟ الحل بمنع التوزيع العشوائي، وتوفير الوجبات المجانية، بما فيها مياه الشرب، في مواقع ثابتة، ولو توفرت أماكن بسيطة للجلوس وحاوية نفايات بجوار هذه المواقع لكان أكثر فعالية، فالجائع سيجلس ليتناول الطعام ويضع المخلفات في مكانها المناسب، وحينما يرى الحاج ما يفعله حاج آخر سيقلده. ومن الملاحظ أن أعمال الخير إذا نشطت فيها التجارة واقتصرت على دفع المال وترك التوصيل والتوزيع لعمالة التاجر يضيع أكثرها، ليقدم صورة سلبية عن فعل الخير، ويبرز هذا في شهر رمضان وفي موسم الحج أكثر من غيره.