×
محافظة المنطقة الشرقية

السعودية تبلغ أوبك برفع إنتاجها النفطي رغم هبوط الأسعار

صورة الخبر

بعد أن كان في معظم مدننا أسواق للزل والدهن وأخرى للذهب والهدوم، أصبح لدينا سوق كبيرة للجوالات تشكل ظاهرة ضخمة تفرض لها حضوراً كبيراً ليس في اقتصادياتنا ولا في حجم ما ننفق عليها دورياً فحسب؛ بل أصبحت جزءا من ثقافتنا ومؤشراً لميولنا الاجتماعية الصعبة في جوانب ضبطها بما يتفق مع موروثنا وعاداتنا. بالأمس القريب كنت في شارع الجوالات في وسط الأحساء كما صار لنا أن نسميه في زمن الرقمية وعصر الاتصال، وهو شارع يشهد كثافة مرورية وحركة شرائية دائبة لا تلتزم بموسم أو موعد، بل هو موسم مستمر تحولت معه كل المحلات هناك، سواء المطلة منها على الشارع أو تلك التي في أضيق الأزقة إلى محلات لبيع الجوالات ومستلزماتها جملة ومفردة، وهي تجارة جرت ميول العديد من المستثمرين مع بداية دخول أجهزة «البيجر» وثورتها إلى عالمنا المحلي، وصولاً إلى عصر التصوير بـ"السلفي" مؤخراً، حيث تباع العصي المخصصة لهذا الغرض، عموماً ما وددت الحديث عنه هو ذلك التحول الذي لازمه القلق في حياتنا بعد الطفرة الرقمية، وسرعة نقل الصور والأخبار بمزاجيات تسيطر على غالبيتها السلبية والتحوير الممنهج في المضمون والنقل لمجرد بث البلبلة والخوف بين الناس. كنت في شارع الجوالات في حي النعاثل الشهير وشارع الماجد نسبة إلى هذه الأسرة الأحسائية العريقة الأصل، أقصد محلاً يديره صديق قديم من الأخوة اليمنيين، فصار الحديث عن زحمة الشارع وما صاحبه من تحولات هو محور حديثنا، خاصة ما تبثه وسائل الاتصال الاجتماعي أو (الانتهازي) كما يمكن أن نسميه، عطفاً على ذلك التغلغل الخطير والمكثف للانتهازيين الذين اختطفوا عنوة هذه الوسائل لبث سمومهم وأفكارهم دون ضمير أو رقيب، فالساحة غدت لهم كالبيداء الخالية يبنون فيها عبر خيالاتهم وخططهم ما يشاؤون، ويبثون منها وعنها ما يرغبون، وهناك جمهرة عظمى من المتلقين تحركهم تلك الرسائل وترسم لهم ثقافات وميولا عجيبة وغريبة يتقازم أمامها العقل والفكر؛ لما تحمله من دواعي الإخلال بالمسلمات وكثافة التلفيقات والبدع والتأويل المتعمد، دون أن تكون تلك الوسائل رافداً للتواصل وبناء اللحمة الاجتماعية كما ينبغي. كان صديقي اليمني يحدثني عن حادثة الحرم المكي الشريف مطلع عام 1400هـ. ويقول وقتها: كنا أطفالاً في إحدى قرى اليمن، ولم نسمع بالحادثة إلا بعد حين، وبعد انقضاء الأزمة وتطهير الحرم، وكان وصول المعلومة لنا عبر إمام المسجد الذي خصص خطبة الجمعة لهذه الحادثة في قالب من النصح وتبيان خطورة تلك الجماعة المستبيحة على الإسلام. ويقول صاحبي اليمني: لك أن تتخيل لو أن هذه الحادثة الغاشمة في زمن الرقمية وظاهرة استغلال وسائلها في الترويع ونشر الهرج والمرج بين الناس، لربما سمعنا وشاهدنا سريعاً من حزم التأويلات والأقاويل من كل حدب وصوب، سوى أن حياتنا البسيطة في القرى البعيدة جنبتنا القيل والقال مكتفين بما أورده إمام المسجد في خطبته. ذلك زمان وانقضى وبقي أن تمحص العقول ما يرد من أخبار في زمن التواصل الانتهازي.