واصلت أسعار النفط العالمية أمس هبوطها الحاد المستمر منذ شهر، حيث لامس برنت مستوى منخفضا قياسيا جديدا في 27 شهرا مع ارتفاع الدولار عقب صدور بيانات مشجعة بشأن التوظيف في الولايات المتحدة ودلائل جديدة على وفرة المعروض من الخام. وعاود الدولار الأمريكي الآخذ في الصعود الظهور كمحرك رئيس لأسعار السلع الأولية في الشهور الماضية، إِذ إنه يجعل المواد الخام أعلى تكلفة على أغلب المستوردين. وقفز الدولار لأعلى مستوى له في أكثر من أربع سنوات أمس بعد صدور تقرير أظهر أن الاقتصاد الأمريكي أوجد وظائف بأكثر من المتوقع في الشهر الماضي في حين تراجع معدل البطالة إلى 5.9 في المائة مسجلا أدنى مستوى منذ تموز (يوليو) 2008. وقالت رويترز، إن سعر خام برنت في العقود الآجلة تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) تراجع 1.22 دولار إلى 92.20 دولار للبرميل بعدما لامس في وقت سابق 91.48 دولار للبرميل أدنى مستوى منذ حزيران (يونيو) 2012. وانخفض الخام 21 في المائة منذ حزيران (يونيو) عندما ارتفع مقتربا من 116 دولارا للبرميل عقب هجوم متشددي جماعة داعش في العراق. وانخفض سعر الخام الأمريكي في عقود تشرين الثاني (نوفمبر) 85 سنتا إلى 90.16 دولار للبرميل. وخسر الخام الأمريكي أكثر من دولارين هذا الأسبوع في أكبر هبوط أسبوعي له خلال شهر. وفي الجلسة السابقة هوت عقود النفط الأمريكي إلى 88.18 دولار وهو أدنى مستوى لها منذ نيسان (أبريل) 2013. ولم تمنع التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشرق أوروبا وآسيا هبوط أسعار النفط خلال الصيف. وبالرغم من تقدم مسلحي "داعش" في شمال العراق إلا أن ذلك لم يكن له تأثير يذكر على إنتاج النفط في الجنوب حتى الآن. ويقول بعض المحللين، إن خفض إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هو الأمر الوحيد الذي سينقذ أسعار النفط. ويزداد بعض دول منظمة أوبك قلقا بشأن انخفاض أسعار النفط ويدعون إلى خفض الإمدادات لكن الأعضاء الخليجيين الأساسيين لا يزالون يراهنون على أن الطلب في الشتاء سينعش السوق وهو ما يشير إلى أن المنظمة ليست قريبة من اتخاذ خطوات جماعية. وتسلط الآراء المختلفة داخل المنظمة التي تضم 12 دولة الضوء على الانقسام بين السعودية وحلفائها من دول الخليج العربية من جهة وأعضاء آخرين من جهة أخرى مثل إيران التي تواجه ضغوطا أكبر على الميزانية مع أسعار النفط دون 100 دولار للبرميل. وتجتمع "أوبك" في 27 من تشرين الثاني (نوفمبر) لتحديد سياسة الإنتاج. وحتى الآن لم تدع سوى إيران علنا إلى تحرك من "أوبك" لدعم الأسعار. ولا تشعر دول الخليج العربية بالقلق وهون وزير النفط السعودي على ما يبدو من شأن تراجع الأسعار كما لم يدع المندوبون لدى "أوبك" إلى تحرك لتعزيز الأسعار. وأظهر مسح لـ"رويترز" أن إنتاج "أوبك" يرتفع وسجل في أيلول (سبتمبر) أعلى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 بلغ 30.96 مليون برميل يوميا بفعل استمرار تعافي إنتاج ليبيا وزيادة إنتاج الدول الخليجية. وهذا أعلى بنحو مليون برميل يوميا من هدف الإنتاج الرسمي لأوبك البالغ 30 مليون برميل يوميا وأعلى بنحو مليوني برميل يوميا من توقعات المنظمة لمتوسط الطلب العالمي على نفطها في العام 2015. ويقول محللون، إن خفض الإنتاج سيشكل تحديا لأوبك. ولم تخفض المنظمة إمداداتها بشكل جماعي منذ الأزمة المالية في العام 2008 كما تفتقر إلى نظام لحصص الإنتاج المنفردة لفرض أي اتفاق على خفض الإمدادات. على صعيد آخر، تعافت أسعار النحاس والألمنيوم أمس بعد يوم من ملامستها أدنى مستويات لها في عدة أشهر لكنهما قد يتكبدان المزيد من الخسائر مع استمرار قلق المستثمرين من قوة الدولار وضعف الطلب في الصين أكبر مستهلك للمعدنين. وقال ستيفن بريجز خبير المعادن لدى "بي.إن.بي باريبا" في لندن "ثمة قليل من الاستقرار اليوم (أمس) لكن لا أعتقد أنه يمثل بالضرورة نقطة تحول للارتفاع". وارتفعت العقود الآجلة للنحاس تسليم بعد ثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن 0.64 في المائة إلى 6642 دولارا للطن بعد أن خسرت 1.2 في المائة في الجلسة السابقة حين هوت إلى أدنى مستوياتها في خمسة أشهر عند 6000 دولار. وتتجه الأسعار التي نزلت نحو عشرة في المائة منذ بداية العام إلى إنهاء الأسبوع على تراجع بنحو واحد في المائة. وتأثر النحاس سلبا بضعف النمو في أوروبا والصين وقوة الدولار وتوقعات بارتفاع المعروض. وصعد الألمنيوم 0.58 في المائة إلى 1900 دولار للطن لكنه يتجه لتسجيل خسائر أسبوعية تزيد على اثنين في المائة في رابع هبوط أسبوعي له على التوالي. وزاد النيكل 0.59 في المائة إلى 16120 دولارا للطن.