×
محافظة المنطقة الشرقية

مدير معهد الإدارة يفتتح اجتماع الطاولة المستديرة حول إستراتيجيات التميز في المنظمات الحكومية

صورة الخبر

توقفتُ كثيرًا أمامَ كلماتٍ صريحةٍ للسيدةِ بهية الحريري النائبةِ اللبنانيةِ الأشهرِ، تقولُ فيهَا: "أعتذرُ من كلِّ الشعبِ اللبنانيِّ لأنّي لمْ أقمْ بواجبِي الوظيفيِّ منذُ عامِ 2009 حتّى الآن، وتقاضيتُ من الشعبِ أجرًا لا أستحقُّهُ، وأتشرّفُ أنْ أُعيدَ للشعبِ كلَّ مَا تقاضيتُهُ من هذِه الدورةِ النيابيةِ حتّى الآن، وقيمتُهُ خمسمائة وخمسةٌ وعشرُونَ مليونًا ومئتانِ واثنانِ وثمانُونَ ألفَ ليرةٍ". لقدْ جاءَ اعترافُ بهيةِ الجميلُ لينكأَ جراحًا متعددةً فِي مصرَ التِي لم تعرفْ يومًا هادئًا واحدًا منذُ قيامِ ثورةِ 25 يناير!. حكوماتٌ عديدةٌ بدأتْ بالدكتورِ عصام شرف، وتتواصلُ حتّى الآنَ، ومجالسُ نيابيةٌ، أو شعبيةٌ بدأتْ بالدكتورِ سعد الكتاتني حتّى الآنَ. ومجالسُ من كلِّ نوعٍ وصنفٍ، فإذَا مَا جاءتْ حكومةٌ غيّرَت المجالسَ القوميةَ، وكأنَّهَا تغيّرُ "كنبًا"، أو طقمَ ملاءاتٍ! ناهيكَ عن طاقمِ المحافظينَ، وطاقمِ مساعدِي المحافظينَ، وطاقمِ المستشارِينَ، وطاقمِ الأمناءِ، ومساعدِي الأمناءِ، وهيئةِ التخطيطِ والتطويرِ والتغييرِ والتبديلِ!. كلُّ ذلكَ قدْ تستدعيهُ طبيعةُ المرحلةِ.. أعرفُ ذلكَ، وأعرفُ أكثرَ منهُ، لكنّني أعرفُ شعبًا تاقَ للاستقرارِ الاقتصاديِّ، ليسَ علَى مستوَى الدولةِ، وإنّمَا علَى مستوَى البيتِ المصريِّ، في الشارعِ، أو الحارةِ المصريةِ!. صحيحٌ أنَّ بهيةَ الحريري لمْ تحددْ كيفيةَ عدمِ قيامِهَا بواجبِهَا الوظيفيِّ، فضلًا عن ماهيةِ هذَا الواجبِ.. لكنَّ الصحيحَ أيضًا أنَّ "الماهياتِ" في مصرَ كثُرتْ، وتعدَّدتْ، وتوسَّعتْ، وتشعَّبتْ، وتنوَّعتْ، وتمدَّدتْ، فيما انحصرَتْ آمالُ وتطلعاتُ الشعبِ، وصَفُرتْ وتقلَّصتْ، وأخشَى الإطالةَ أكثرَ من ذلكَ في حديثِ الجياعِ، وغضبِ الجياعِ، وثورةِ الجياعِ، وقَى اللهُ مصرَ في أيِّ عصرٍ كانَ، ومع أيِّ سلطةٍ كانتْ، ومع أيِّ رئيسٍ كان، شرَّ الجوعِ، وشرَّ الغضبِ، وشرَّ حاسدٍ إذَا حسَد. أعلمُ أنَّ لكلِّ وزيرٍ، أو مسؤولٍ، محافظًا كانَ، أو نائبًا، أو مستشارًا، أو عضوًا في أيِّ هيئةٍ ومجلسٍ كان، قومِيًّا كانَ أو غيرَ قومِيٍّ.. بالمناسبةِ مَا حكايةُ "القوميِّ"، و"غيرُ القوميِّ"؟ ومَا الذِي يحددُ أنَّ هذَا "قوميٌّ"، وذاكَ "غيرُ قوميٍّ"؟! لكنْ هذَا ليسَ وقتَ مثلِ هكذَا سؤالٍ.. أقولُ: أعلمُ أنَّ لكلِّ مسؤولٍ بيتَهُ، ومصاريفَهُ، لكنْ.. وفِي المقابلِ هناكَ ملايين البيوتِ التِي تنتظرُ عملًا فاعلًا ومتكاملًا، بحيثُ إذَا ذهبَ الوزيرُ لظروفٍ سياسيةٍ، أو مظاهراتيةٍ، جاءَ الوزيرُ التالِي فبنَى بعدَهُ دونَ هدمٍ، وإذَا جاءَ المحافظُ الذِي يليه فتحَ آفاقًا جديدةً دونَ ردمٍ! فإذَا ما جاءَ المجلسُ البلديُّ، أو القوميُّ، أو حتّى غير القوميِّ لمْ تسألْهُ فلّاحةٌ مصريةٌ: "يا بائعَ الفجلِ بالمليمِ واحدةً.. كم للعيالِ وكمْ للمجلسِ البلديِّ". وبالبلديِّ أيضًا، وبالمصريِّ، وبكلِّ اللغاتِ أقولُ: إنَّ الشعبَ تاقَ لظهورِ أيِّ شيءٍ عاجلٍ وسريعٍ يصبُّ في منزلِهِ، أو فِي حقلِهِ، أو فِي مشروعِهِ الصغيرِ!. إنَّ كثرةَ الحديثِ عن الدستورِ الجديدِ، واللجنةِ الجديدةِ، وهيئةِ الخمسِينَ، وهيئةِ العشرةِ لا يُغنِي ولا يُسمنُ من جوعٍ مصريٍّ حقيقيٍّ للغذاءِ، والدواءِ، والكساءِ، ومصاريفِ المدارسِ والجامعاتِ. وإنَّ كثرةَ الحديثِ عن شكلِ الدولةِ، وهيئةِ الرئاسةِ، والرئيسِ البرلمانيِّ، والتجربةِ السويسريةِ لن يُشفِي ظمأَ العطشَى المصرِيينَ لاستقرارٍ شاملٍ، وعملٍ واضحٍ وفاعلٍ يستهدفُ النهوضَ بالبيتِ المصريِّ الصغيرِ؛ تمهيدًا للنهوضِ بالبيتِ المصريِّ الكبيرِ. أعرفُ أنَّ فِي مصرَ ألفَ ألف بهيٍّ وبهيةٍ، وأعرفُ أنَّ المخلصينَ فيهَا بالملايين، لكنّي أعرفُ أيضًا أنَّ المحنةَ صعبةٌ، وأنّنا لكَي نخرجَ، أو لكَي يخرجَنَا اللهُ من هولِ الكربةِ لابدَّ من طمأنةِ الشعبِ، وترطيبِ الأجواءِ بشكلٍ أكثَر فعاليةٍ، ودونَ الاكتفاءِ بالخطبِ الرنّانةِ، والأغانِي الشعبيةِ دونَ أنْ تكون َشعبيةً بالفعلِ، والأناشيدِ الشعبيةِ دونَ أنْ تكونَ شعبيةً بالفعلِ.. - نريدُ شيئًا شعبيًّا لا شعوبيًّا.. - نريدُ عملًا قوميًّا لا قومجيًّا.. - نريدُ إنتاجًا حقيقيًّا في المصانعِ، والمزارعِ، والحقولِ، وليسَ في القنواتِ الفضائيةِ، ومحاولةِ محوِ، أو مسخِ، أو إلغاءِ العقولِ. افتحُوا الفصولَ من جديدٍ.. فصول المصريةِ الحقّةِ، والقوميةِ الحقة،ِ وعودُوا جميعًا إلى شعبِكُم ليحتضنَكُم في ملحمةٍ جديدةٍ تعيدُ ملحمةَ أكتوبر المجيدةَ.. عودُوا إلى ربِّكُم يفتحْ لكمْ أبوابَ رزقِهِ، وعفوِهِ، ورحمتِهِ. خمسمائة وخمسةٌ وعشرُونَ مليونًا، ومئتَانِ واثنَانِ وثمانُونَ ألفَ تحيةٍ لبهيةِ اللبنانيةِ، ولكلِّ بهيٍّ وبهيةٍ مصريةٍ.. اللهمَّ أمنًا وسلامًا، وصلحًا وإصلاحًا في مصرَ، وفي لبنانَ، وفي كلِّ مكانٍ من أرجاءِ أمتنَا العربيةِ. لقدْ باتَ من الواضحِ أنَّ البهيةَ الحقيقيةَ في مصرَ هِي الأمُّ التِي ربّتْ، وتُربِّي، وكافحتْ وتُكافحُ، وضحَّتْ وتُضحِّي كلّ ساعةٍ من أجلِ مصرَ، لا من أجلِ حزبٍ أو جماعةٍ. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain