إلهي ما أعظمك! إلهي ما أكرمك! إلهي ما أرحمك! إلهي ما أحلمك! فأنت القائل على لسان نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-: (كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون)، حيث أظهرت رحمتك طبيعة البشر التي تميل إلى الهوى، وكثرة الزلل، ففتحت أمامها أبواب توبتك، لتطهيرها من الذنوب، التي تُثقلها بالهموم، وتُسكن داخلها اليأس والقنوط. فتأكد للنفوس أن لا يأس من رحمة الله، ولا قنوط من عفوه وكرمه، فليس على الإنسان الذي تراكمت عليه الخطايا إلاَّ أن يُسارع لطرق أبواب مولاه، فإذا غفل عن باب وجد آخرَ مفتوحًا يرحب به ويناديه. وها هو يوم عرفة الشريف، الذي يُعدُّ من أعظم أبواب الرحمة والمغفرة، قد أقبل، يحمل بشائر الفرج من كل ذنب، والتخلص من كل همٍّ، ففي هذا اليوم الكريم أكمل الله الدين، وأتم فيه النعمة على عباده، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رجلاً من اليهود قال له: يا أمير آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أي آية؟ قال: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا" المائدة:5، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة). وما أكرم المولى الذي جعل هذا اليوم العظيم أكثر الأيام عتقًا من النار، حيث ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة...) رواه مسلم. ومن عظيم حلمه وكرمه في هذا اليوم أنَّه يُباهي أهل السماء بعباده الذين أتوه، والذنوب تحفهم من كل جانب، لكن ثقتهم وحسن ظنهم في عفوه أتت بهم شعثًا غبرًا، فعن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الله تعالى يُباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، يقول: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثًا غُبرًا) صحيح الجامع الصغير. إنَّه عيد التائبين كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام...)، رواه أبوداود وصححه الألباني، فكيف إذا اجتمع مع هذا العيد، يوم الجمعة الذي هو يوم عيد للمسلمين فـ(خير يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنَّة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلاَّ في يوم الجمعة) -صحيح الجامع- إنَّه زيادة شرفٍ على شرفٍ، وعظيم أجرٍ على أجرٍ. فابشروا حجاج بيت الله بالمغفرة، وعظيم الأجر، فأنتم ضيوف الرحمن، وفي رعاية الكريم المنان، وانتهزوا هذه الأوقات المباركة برفع الأكف الضارعة بأن يكشف الله الغمّة عن هذه الأمة، وأن يوحد صفوفها، ويكفيها كيد الكائدين، وأن ينصرها على كل ظالم، وأن يجعل كلمة لا إله إلاَّ الله هي العليا. d.najah-1375@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (49) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain