×
محافظة المنطقة الشرقية

هيئة حقوق الإنسان بمكة تزور طفل الطائف المُعنّف

صورة الخبر

لا حديث للناس في المجالس خلال الأيام الماضية يعلو على الحديث عن رسوم الأراضي. هل يتم إقرارها أم لا؟ وهل هي ضريبة أم زكاة؟ وبالتالي هل هي مشروعة أم لا؟ وهل ستقود إلى تخفيض الأسعار أم سيقوم ملاك الأراضي بتحميل هذه الرسوم على المشتري؟ ثم هل البت في هذا الأمر من اختصاص كبار العلماء أو كبار الاقتصاديين؟ فيما أشار بعض ذوي الحصافة والخبرة إلى أن حل أزمة الإسكان هو بيد الوزارة التي تتلكك في حيرتها وتغوص في وحل الأزمة، وأن الحل يكمن من خلال بناء الأبراج السكنية والعمائر المرتفعة بما سيؤدي إلى الاستغناء عن الأراضي الأفقية الشاسعة والاكتفاء بالبناء العمودي في الأراضي البيضاء صغيرة المساحة ثم توزيعها على المستحقين. ويؤكد أصحاب هذه النظرية أن هذا الحل والإجراء كفيل بأن يخفض سعر الإقطاعات والأراضي المليونية التي يكتنزها عدد محدود من الملاك، ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن تجربة بناء العمائر وتوزيعها قديمة ومعروفة في المملكة، ومن ذلك كمثال عمارات شارع الستين في الملز التي كانت علامة فارقة في الرياض، وكان يقطنها العديد من علية القوم والميسورين. ويذكر أن مدينة نيويورك قد واجهت في الستينات الميلادية أزمة في الإسكان فعمدت بلدية المدينة الى بناء سلسلة ضخمة من الأبراج العالية ثم قدمتها بالأقساط الميسرة للمحتاجين للسكن، وقد أسهمت هذه الأبراج في حل الأزمة، ثم واجهت لندن لاحقا أزمة مماثلة فعمدت إلى العمل نفسه وأقامت الأبراج وقضت على مشكلة ندرة المساكن في زمن قياسي، وطالما أن معاناة الإسكان قد مرت بغيرنا فعلينا بالتالي النظر إلى تجاربهم والاستفادة منها. ولأن "الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن"، فإن الحديث عن فرض الرسوم قد انعكس واقعا ملموسا على أسعار الأراضي التي عانت خلال التهويش والتهديد بتطبيق ذلك القرار، فدخل العقار خلال الأشهر الماضية في دوامة من الركود الذي يترقب ويتحفز، فهنالك عروض لكن لا يقابلها شراء، فإن كان مجرد الحديث عن الرسوم وتداول المجالس والصالونات الرسمية والتجارية بخصوصها قد قاد السوق العقارية إلى الركود فما بالك لو تم فعليا إقرار الرسوم وتطبيقها على الأراضي؟ هناك من يرى أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وكل المساحات التي تطوقها الشبوك سيجبر ملاك هذه الأراضي لعرضها للبيع، بما يقودنا تلقائيا إلى نتيجة القانون الاقتصادي البديهي نفسه، الذي يرى أن كثرة العرض تخفض السعر، وهذا كله لو حدث فإنه يجرنا إلى الإقرار بأن النفس أمارة بالسوء، والسوء هنا هو الطمع والأنانية البشرية التي تنزع إلى حب التملك وحب الاقتناء وجمع الثروات والتزين بها، وهذا السلوك منزع بشري لكن النظام والقانون هما من يحكم هذه السلوكيات ويسيطر عليها ويحجمها في حدود "أن لا ضرر ولا ضرار". ومن هنا تحتم علينا هنا في المملكة أن نمارس الحزم وتطبيق القانون في كل ما يكفل خدمة الناس في المجتمع على حد سواء من العدل والمساواة، سواء كان ذلك في جانب فرض رسوم الأراضي أو في المحافظة على الأملاك العامة من تهور البعض وعدم مبالاتهم بحلال الدولة، أو تطبيق الأنظمة المرورية وعدم التأثر بتذمر البعض على نحو مستمر من عقوبات "ساهر"، وهو الأمر الذي يحدث بقبول تام في كل المدن العصرية الحديثة في العالم، والذي يشفع النجاح لكل نظام هو تطبيقه بحزم وعزم بلا محسوبية ولا واسطة بما يكفل العدل للجميع سواء كان ذلك في الجانب العقاري ورسوم الأراضي أو في غير ذلك من الأنظمة التي تمس مصالح الناس ومعيشتهم.