كنت ــ وأنا بعد طالب في كلية الطب ــ أتدرب في شهور الصيف في مستشفى أرامكو بالظهران. كنا يوم ذاك في الستينات الميلادية من القرن الماضي. وكان يومها شلل الأطفال منتشرا في أكثر بلدان العالم. وفي مستشفى أرامكو كان عنبر الأطفال يغص بمرضى شلل الأطفال. ليس ذلك فحسب وإنما كان هناك دائما بضعة من المرضى من الكبار. وشلل الأطفال لحكمة يعلمها الخالق، إذن ما أصاب الكبار كان أشد وطأة، حيث يصيب عضلات الصدر، وكان علاج أحدهم يومها يتم بوضعه داخل رئة صناعية تساعده على التنفس، وغالبا ما كانت النتائج مأساوية. الذي جعلني أستعرض هذه المقدمة هو الاجتماع الذي عقدته مؤخرا الأمم المتحدة بهدف مكافحة شلل الأطفال . حضر الاجتماع مجموعة من رؤساء الدول، كما حضره الملياردير بيل جيتس. محور النقاش كان التخطيط للقضاء على مرض شلل الأطفال في العالم في عام 2015م. وإذا ما نجح العلماء في تحقيق هذا الهدف فسيكون شلل الأطفال ثاني مرض تستأصل شأفته بعد مرض الجدري. الملياردير بيل جيتس وزوجته رصدا من أموالهما الخاصة مبلغ مليار دولار تصرف على مكافحة مرض شلل الأطفال. أنا على يقين من أن في بلادي أناسا لا يقلون أريحية عن بيل جيتس وزوجته. بعضهم لا يعلن عن نفسه ابتغاء مرضاة الله. والبعض يعلن ما أنفق تشجيعا منه للآخرين كي يحذوا حذوه. قال تعالى: «إن تبدوا الصدقاتِ فنِعِما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم مِن سيئاتكم والله بما تعملون خبير». نحن في حاجة ماسة إلى ثقافة في المجتمع تهيئ الناس لتوجيه جانب من الزكاة لأجل الوقاية والعلاج من الأمراض وبخاصة لغير القادرين. أمراض مثل السكر والفشل الكلوي والفشل الكبدي وأمراض السرطان وأمراض القلب والإعاقات الناتجة عن حوادث السيارات. جميعا مشكلات صحية تحتاج بالإضافة إلى ما تقوم به المؤسسات الصحية الحكومية إلى العمل التطوعي بالمال والجهد والوقت. الدولة حفظها الله لا تألو جهدا في البذل، ولكن تبعا لتوصيات منظمة الصحة العالمية فإن الرعاية الصحية في أى مجتمع يجب أن يشارك في تقديمها متطوعون من أفراد المجتمع. يشاركون في التخطيط، والمتابعة، والتقييم، والتنفيذ. فالخدمات الصحية أولا وأخيرا هي منهم وإليهم. ياحبذا لو تكون صندوق لعلاج المصابين بهذه الأمراض وقبل ذلك لوقايتهم من الإصابة بها عن طريق التثقيف الصحي والإكشاف والعلاج المبكرين. وفي ذهني وأنا أكتب جمعية زمزم وجمعية تعزيز الصحة وجمعيات القلب والكلى والكبد وغيره من الجمعيات القادرة على العمل العلمي الجاد المدروس جمعيات موجودة ومسجلة رسميا من قبل الدولة ولكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم المالي من أصحاب الخير. ولا أريد أن أنسى حاجتنا إلى دراسة الطب الشعبي واستخلاص الجوانب الإيجابية فيه. هذه دعوة موجهة إلى أصحاب الخير والفضل ليسهموا في مثل هذه الجمعيات «ومن ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا مضاعفة».