كان تدشين معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، في الأسبوع الماضي للعمل في المحاكم والدوائر الجزائية باختصاصاتها الجديدة التي نصّ عليها نظام الإجراءات الجزائية الجديد الذي صدر هذا العام يعدّ بمثابة خطوة جديدة ضمن خطوات التطوير الذي تتبناه الوزارة، وفي إطار الدعم الكبير الذي يتلقاه جهاز العدالة من مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير القضاء، كما جاء في كلمة فضيلة الشيخ العيسى في حفل التدشين. وفي الواقع، إن بدء العمل في هذه المحاكم المتخصصة يمثل نقطة تحول كبيرة في تفعيل النظام القضائي الحديث على أثر صدور نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية، وبالفعل نرى أن مثل هذه الخطوات سوف تعمل على التخفيف من الأعباء القضائية على المحاكم من خلال نقل العديد من اختصاصاتها وإسنادها إلى محاكم مستقلة، ولا شك أن في هذا التحوّل النوعي ما ينعكس إيجابيًا في قرب تحديد مواعيد الجلسات وسرعة انتهاء القضايا فضلاً عن تركيز النظر القضائي في تخصص واحد بما يتيح المزيد من الدراسة والبحث ويحقق ما تتوخاه الوزارة من عدالة، كما أن تحديد الاختصاصات لكل محكمة يحقق المزيد من الدّقة والتنظيم والانسيابية. ولقد جاء شرح معالي عضو المجلس الأعلى للقضاء ورئيس لجنة تطبيق آلية نظام القضاء فضيلة الشيخ محمد أمين مرداد حول إعادة ترتيب نقل الاختصاصات من المحاكم الجزائية، إلى المحاكم العامة وبالعكس اعتبارًا من 19/11/1435هـ جاء الشرح وافيًا.. ملقيًا فيه الضوء على أهداف وفوائد هذا التنظيم وإعادة توزيع الاختصاصات، أما النقطة الجديرة بالإشارة فهي عن الدوائر في المحاكم الجزائية التي تتألف من ثلاثة قضاة ولا شك أن في هذا التطوير تحقيق للعدالة التي يتوخاها الناس، فوجود أكثر من قاض يدرس القضية يعطي الفرصة لمزيد من الدراسة والإطلاع والتشاور قبل الحكم وهو أمر في غاية الأهمية فإذا كان الناس يحرصون –عند التقاضي– على السرعة في تحديد مواعيد جلسات قضاياهم التي تتأخر أحيانًا لبحث القضايا وملابساتها والتعرف على أبعادها دون تسّرع يضّر بالخصوم وخاصة من لهم حقوق وقد ظلموا في استرداد حقوقهم غير أنهم لا يرجون –في ذات الوقت– السرعة في البتّ في قضايا التي لم تأخذ نصيبها من البحث والدراسة حتى يضمنون استيفاء كل المعلومات وتقديم البيانات وإتاحة الفرصة لهم لعرض بيّناتهم، وما خفي عن نظر وعدالة المحكمة من أمور ربما كان لها الأثر الكبير في تقدير موازين الأحكام وسلامتها، ولا شك في أن وجود أكثر من قاضٍ في نظر القضايا يحقق الكثير من العدالة التي تنشدها الوزارة فضلاً عن القضاة الفضلاء الذين يشتركون بخبراتهم وقدراتهم في تفهم أبعاد القضايا، فالقاضي بشر يصيب ويخطئ والقضاء مسؤولية كبرى عبئها ثقيل وذنب المقصرين فيها كبير، وقد يؤدي انفراد قاضٍ وحده إلى تداخل عوامل وظروف في تسيير أبعاد القضية والحكم فيها . ويسّجل أيضًا لوزارة العدل خطوة التفكير في تطبيق آلية (المعونة القضائية) فهي واجب حتمي وضرورة إنسانية تعين غير القادرين على تلقي المشورة القانونية، وذلك بتقديم استشارات قانونية من قبل محامٍ أثناء فترتي التحقيق والمرافعة وفي هذه الخطوة –دون شك– حرص من الوزارة على تحقيق العدالة، فثمة قضايا يواجه فيها الخصم الذي لا إمكانات عنده خصمًا ذا مقدرات بشرية ومادية تعزز عنده المقدرة للغلبة وكسب الدعوى وتمكنه من هزيمة خصمه الأعزل، ولذلك فإن التفكير في تطبيق آلية (المعونة القضائية) ما يحقق العون والمساعدة لأولئك النفر من غير القادرين وهي خطوات تطويرية من شأنها تحقيق العدالة تشكر عليها وزارة العدل. وعود على بدء، فإن ثمة قضايا وحالات في المخاصمة بين الناس سواءً الحقوقية منها أو الجنائية تقتضي فعلاً وجود أكثر من قاضٍ ينظر القضية تحقيقًا لتوخي العدالة وتوفر الفرص لمزيد من البحث والدراسة والتحقيق والاستقصاء من ناحية، وكذلك منعًا لاستفراد قاضٍ وحيد بالرأي والدراسة والحكم من ناحية أخرى وعلى الرغم من وجود محاكم الاستئناف، إلا أن الأمر في محاكم الاستئناف هو الآخر ينتظر تفعيل نظام دراسة القضايا بدلاً من نظر كل قاضٍ على حدة من الثلاثة قضاة في الاستئناف للقضية المستأنف بشأنها، ومن ثم تدوين رأيه.. ولا شك أن دراسة القضاة مجتمعين للقضية المستأنف ضد حكمها هو من قبيل توفير العدالة ومنح الفرصة للمستأنف خاصة إذا فتحوها وطلبوا البيانات وناقشوها مع المستأنف، الأمر الذي يحقق العدالة التي تتوخاها الوزارة وتحرص عليها الدولة، فالمؤمل أن تبدأ محاكم الاستئناف في ممارسة عملها مثل المحاكم العامة في مراجعة القضايا وعقد جلسات لها للبحث والدراسة والتأكد من سلامة الحكم وأخيرًا تحية لمعالي وزير العدل على هذه الجهود التنفيذية الحثيثة في مسار مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء. دوحة الشعر: فالله يرعى العدل فخر بلادنا وتدوم فينا راية الإسلام alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain