أوضح الباحث الشرعي الدكتور سعد بن عبدالقادر القويعي أن بيان هيئة كبار العلماء الصادر في ختام دورتها الـ80 بالرياض وضع النقاط فوق الحروف حول الإرهاب والفرق الضالة. وأضاف القويعي: عندما يؤكد بيان هيئة كبار العلماء على أن الإرهاب يعد جريمة نكراء، وظلما، وعدوانا تأباه الشريعة الإسلامية، والفطرة بصوره وأشكاله كافة ، وأن مرتكبه مستحق للعقوبات الزاجرة الرادعة، عملا بنصوص الشريعة الإسلامية، ومقتضيات حفظ سلطانها، وتحريم الخروج على ولي الأمر، إضافة إلى الإشارة نحو أعمال بعض الجماعات، كتنظيم داعش، والقاعدة، وما يسمى بعصائب أهل الحق، وحزب الله، والحوثيين، بأنها جرائم إرهاب، ومحرمة، ومثلها الأعمال الصادرة عن جرائم الإرهاب، التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، أو الأعمال المجرمة التي تمارسها بعض الفرق، والجماعات المنتسبة إلى الإسلام، بأنها محرمة، ومجرمة لما فيها من هتك للحرمات المعلومة بالضرورة، فهي رسالة واضحة على أن هذه الفئة من المجتمع، أمامها مسؤولية كبيرة في حفظ المجتمع من الفتن، وذلك بما أنيط بهم شرعا، وعقلا. واستطرد القويعي: الفتن إذا أقبلت عرفها العلماء، وإذا وقعت أمسكوا عن الخوض فيها، وإذا أدبرت عرفتها العامة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله «والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عن دفع السفهاء، فصار الأكابر رضي الله عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة، وكف أهلها، وهذا شأن الفتن، كما قال تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، وإذا وقعت الفتنة، لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله». مما يؤكد أن العلماء يتحسسون أسباب الفتن قبل وقوعها، ويتبصروا مقدماتها قبل فوات الأوان، كونهم ينظرون إلى مآلات الأمور، وعواقبها، بما لديهم من فقه في الأحكام الكلية، ودراية بالأصول العلمية، واستيعابهم لمقاصد الشريعة، وقواعد المصالح والمفاسد، وتصور تام للوقائع الجارية، وتمكن من تنزيل النصوص عليها بكل روية. وعندما تشتبه الحقائق، وتختلط الوقائع، فأحوج ما تكون الأمة إلى أهل العلم الراسخين في علمهم، العالمين بواقع أمتهم، وما يحيط بها من فتن، ولأننا نعيش فتنا متلاطمة، واضطرابات شعبية، تشهدها بعض الدول، نتج عنها تشتت في المصالح، والأهداف، وتسييس في المواقف، والآراء، فإن ذلك يستدعي من العلماء علما، وبيانا مستمدا من النصوص الشرعية، والعقول السليمة. كما يستدعي من العقلاء حزما، ومن العامة فطنة، وفهما لإخراج الأمة من الفتن، والنجاة بها من متلاطم المحن، ولذا قال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله «واجب العالم الديني أن ينشط إلى الهداية، كلما نشط الضلال، وأن يسارع إلى نصرة الحق، كلما رأى الباطل يصارعه، وأن يحارب البدعة، والشر، والفساد، قبل أن تمد مدها، وتبلغ أشدها، وقبل أن يتعودها الناس، فترسخ جذورها في النفوس، ويعسر اقتلاعها». إن حفظ مكانة العلماء، وتمكينهم من التواصل مع شرائح المجتمع، وعدم تحجير دورهم، أو أن نتخذ من هفواتهم وليجة في النيل منهم، أو إسقاطهم، مطالب مهمة. وهذا هو المأمول في حفظ المشترك، ورعايته في الوقت الراهن، كونه أدعى لرعاية هذا المقصد. وأن الجهود لابد أن تتضافر خدمة لدين الله، ومصلحة لهذا الوطن. فأهل العلم يحملون مصابيح الدجى، ومشاعل الهداية، وهم من وسائل حفظ الشريعة. والالتحام بهم عصمة للأمة من الفتن، طالما أنهم يفقهون دورهم بوعي، وصدق، وإخلاص.