×
محافظة مكة المكرمة

الأهلي المصري ينقب عن مواهب جدة

صورة الخبر

من عيون الشعر بيت شعري جميل، نُسب للشاعر العربي طرفة بن العبد، يقول فيه عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه*** فكل قرين بالمقارن يقتدي. وهو منهج تربوي مهم، ينبغي على ولي الأمر الأخذ به بدقة؛ فيكون فاحصاً عارفاً دقيقاً بمن هو صديق وقرين لابنه أو بنته، أو من هو معني به. وقد جاء في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء كحامِلِ المسك ونافخِ الكِيْرِ. فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبة. ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحاً خبيثَة. وكثير من حالات الجنوح والسلوك السيئ تأتي من القرناء، وبخاصة في المرحلتَيْن المتوسطة والثانوية؛ إذ يكون الطفل مهيًّأ نفسياً للخروج من نظام الأسرة وتعليمات الوالدين إلى اتخاذ الأصدقاء والقرناء وتبادل التأثير معهم، ويكونون العالم الجديد له مع بدايات المراهقة والشعور بعلامات البلوغ وحب الاستقلال عن الأسرة؛ فيكون التأثر بالزملاء والأصدقاء هو المحرك الرئيسي لبناء الشخصية والعلاقات والسلوك بأنواعه المختلفة. وهنا يحرص الوالدان على معرفة مَن زملاء ابنه، ويكون التركيز أحياناً على المظاهر.. وهنا كانت الطامة الكبرى في تجربتنا في الإرهاب؛ إذ كان التأثير على النشء عن طريق أقرانهم، فيكون القرين متقيداً بالمظهر الديني الشكلي بتقصير الثوب وترك اللحية وعدم لبس العقال، والحرص على الصلوات وحلقات القرآن والدعوة، ويكون الشاب في آخر المرحلة المتوسطة أو الثانوية أو بداية الجامعة، فيسعد الأب والأم بالتزام ابنهما، وتجمع ابنتهما مع الصالحات اللواتي لهن أساليبهن بالتقيد باللباس وسماع الأحاديث والتشدد بتحريم بعض المباحات، فيتم التأثير على النشء، وإدخال أفكار الإرهاب والغلو والتشدد، والأهالي غافلون ومتوقعون أن هؤلاء صحبة طيبة، ويكثر الشاب من الذهاب معهم والانعزال في غرفته وملازمة الإنترنت، ثم يفاجأ الوالدان بسلوك ابنهما الخطير. ولهذا ينبغي التأكد من القرين، وعدم الاعتماد على الشكليات والمظاهر. ومثل ذلك سلوك المخدرات أو غيره.. فعلى ولي الأمر معرفة قرناء أبنائه وبناته، وتقريبهم من الجادين الخلوقين المعتدلين. وقد سألت مدير مدرسة أمضى سنوات طويلة في التعليم عن التأثر بالقرناء فقال إن هناك طلبة متميزين وجادين تأثروا بطلبة مشاغبين؛ فتغير سلوكهم، وتأثر مستواهم الدراسي. والأطفال في الحياة كذلك تجدهم، فلا يمكن أن تجد خلوقاً وحبيباً وكريماً ونبيلاً وشهماً وطيباً ومتسامحاً وجاداً ومتواضعاً مع كريه وحقود وبخيل وشكاك وغير محبوب وأناني ومخادع وغامض.. فاحرصوا على القرناء عند أبنائكم؛ فإنهم مرآتهم عند الآخرين.