تعمل المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى سعود -رحمه الله- باستمرار خدمة الإسلام والمسلمين ونشر الدعوة الإسلامية، وبناء المراكز الإسلامية والتعليمية، والهيئات، والمؤسسات الإسلامية في جميع أرجاء المعمورة دعما للمسلمين في كل مكان، ونصرة لقضاياهم، إلى جانب تقديم المنح الدراسية لأبناء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها للدراسة في الجامعات والمعاهد السعودية، وكذلك تقديم المساعدات المادية والعينية، وجهود المملكة تأتي ضمن هذا النهج القويم الذي رسمه قادتها منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى وقتنا الحاضر ويظهر فيه بجلاء التزامهم بالكتاب والسنة التزاما تاما، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل عملهم، ومن ضمن تلك الجهود المباركة توزيع المصاحف على حجاج بيت الله الحرام، بحيث يعطى كل حاج مصحفا مطبوعا طباعة راقية عالية الجودة من مجمع الملك فهد -رحمه الله- لطباعة المصحف الشريف، وفي حج العام الماضي 1434هـ قامت المملكة العربية السعودية مشكورة بتوزيع أكثر من مليون وثمانمائة ألف مصحف على الحجاج بجميع اللغات، وقد تم تكليف فريق عمل يضم مسؤولين وموظفين للعمل في جميع المنافذ على مدار الساعة لتوزيع أكثر من 300 ألف نسخة يوميا للحجاج المغادرين عبر منافذ المملكة المختلفة، إضافة إلى هدية الحاج من المطبوعات الإرشادية التي تتكون من أربعة كتب وشريط لكل حاج مغادر بلغة بلاده، وهي من إصدارات ومطبوعات وكالة وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المطبوعات والبحث العلمي، ولكن نقرب للأذهان ما تعنيه تلك الأرقام دعونا نقارن عملية التوزيع بعملية توزيع بطاقات دعوة لمناسبة موجهة لألف شخص فعلى الرغم من صغر حجم البطاقة، وعلى الرغم من أن غالبية المدعوين يكونون داخل نفس المدينة، إلا أننا نواجه صعوبة بالغة في إيصال بطاقات الدعوة لهم، وكما نعلم جميعنا، توزيع ألف بطاقة دعوة لمناسبة واحدة ليس بالأمر السهل. فما بالك بتوزيع أكثر من مليون وثمانمائة ألف مصحف على حجاج بيت الله الحرام في مختلف المنافذ الجوية والبرية والبحرية، هذا إضافة إلى توزيع أربعة كتب وشريط لكل حاج بلغته، وحجم المصحف وأربعة كتب وشريط يختلف عن حجم بطاقة الدعوة. هذا بالنسبة لتوزيعها، فكيف بطباعة هذا العدد الهائل من المصاحف، كم يحتاج من العمال والمشرفين والورق والأحبار والتجليد، أضف إلى ذلك كله عمال التحميل والتنزيل وسيارات النل لمختلف منافذ المملكة، ولم نشكُ في يوم من الأيام من نقص مصحف في بيت أو مسجد، فكل بيوت المملكة العربية السعودية لا تكاد تخلو من نسخة من نسخ المصحف الشريف من طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، أضف إلى ذلك أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف هو أكبر مطبعة بالعالم لطباعة المصحف، وهو أحد المعالم المشرقة التي تقدمها «المملكة العربية السعودية» لخدمة الإسلام والمسلمين في مختلف أرجاء العالم منذ افتتاحه في العام 1405هـ، وينتج المجمع سنويا ما متوسطه عشرة ملايين نسخة. ويجري المجمع دراسات وأبحاثا مستمرة لخدمة الكتاب والسنة ويضم أحدث ما وصلت إليه تقنيات الطباعة في العالم. وللمجمع خمس مخطوطات خاصة به كتبها خطاط المجمع وروجعت من قبل اللجنة العلمية بالمجمع: اثنتان برواية حفص وواحدة بكل من رواية ورش، والدوري، وقالون، يمكن تبويب ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة عن المجمع إلى مختلف اللغات وعددها 44 لغة وفقا لما يلي: 10 لغات أوروبية. 11 لغة إفريقية. أما عدد إصدارات الترجمات فتزيد على 60 إصدارا، والعمل جار لإنجاز ترجمات أخرى. كما استحدث المجمع مصنعا خاصا به لأسطوانات CD. ويعمل بالمجمع حالياً نحو 1700 شخص بين علماء وأساتذة جامعات وفنيين وإداريين. ويعتبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة صرحا إسلاميا شامخاً خصص لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنبراً من المنابر التي أولتها حكومة خادم الحرمين الشريفين جلّ اهتمامها للعناية والرعاية بالقرآن الكريم والسنة النبوية. ما ذكرته كان نموذجا فيما يتعلق ببعض جهود المملكة العربية السعودية في الدعوة إلى الله من خلال توزيع المصاحف خلال موسم الحج فقط. وموسم الحج أيامه معدودة ولا يمثل أيام السنة كلها فكيف بأعمال هذه الدولة المباركة التي نراها مستمرة دون انقطاع طوال أيام السنة. أما في رمضان فحدث ولا حرج عن تلك الجهود المباركة لهذه الدولة المباركة في دعم المراكز الإسلامية بالخارج بالمصاحف والدعاة فهناك برنامج الإمامة بالخارج الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية الذي يتم من خلاله توجيه الأئمة إلى المراكز الإسلامية لتعليم المسلمين بالخارج أمور دينهم وعمل المشروعات الخيرية تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية مما له الأثر الكبير في نشر الدين الصحيح البعيد كل البعد عن الانحراف المنهجي حيث إن وزير الشؤون الإسلامية الشيخ الهمام صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ -حفظه الله- يشرف شخصيا على هذا البرنامج ويوليه مزيد عناية كعادته -حفظه الله تعالى- مما كان له الأثر في نشر منهج الوسطية في أرجاء العالم، فلله الحمد والمنة، إلى غير ذلك من الجهود التي لا يتسع المقام لذكرها، التي حرصت هذه البلاد بقيادتها الرشيدة على عملها خدمة لدين الله تعالى.. فاربعوا على أنفسكم أيها الطاعنون والمشككون في دور هذه الدولة في رعاية الإسلام والقيام بالدعوة إليه، فإنه لا يوجد لهذه الجهود مثيل على أي بقعة أخرى من بقاع الأرض ولكن الإنصاف عزيز والله من وراء القصد، فأسأل الله العلي القدير أن يوفق خادم الحرمين الشريفين إلى كل خير جزاء ما قدم ويقدم للإسلام والمسلمين من خير ودعوة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.