الجزيرة العربية هي بيئة الفصحاء والبلغاء ولها ماض تاريخي عريق، فهي منارة الأدب وقلعة المعرفة والهداية، ومهد الفصاحة والبلاغة والبيان، ومنطلق الشعر ومأرز الأدب والفكر، ومهوى أفئدة العرب والمسلمين، وملتقى الشعر والشعراء على امتداد التاريخ، استطاعت خلال فترة من الزمن أن تضيء للعالم أنوار المعرفة وقبسات الإيمان وتغير معالم التاريخ والإنسانية ولا عزو فهي منبع الفصحى ومهدها الأول. ومع كل هذه الجهود المباركة التي بذلت في سبيل إحياء نشر التراث اللغوي فما زال كثير من روائعه ونفائسه لم ير النور بعد، ولم تصل إليه أنظار المحققين والناشرين وما زال حبيساً في مكتبات مختلفة صور بعضه، ولم يحقق وينشر بعد. إن هناك الكثير من الجامعات ودور المخطوطات والوثائق تحفل بكنوز التراث اللغوي، وينبغي التعرف على ما تحويه من ذخائر التراث اللغوي عبر عصور التاريخ القريب والبعيد. وإن على جامعاتنا ومراكز البحوث أن تعمل على إيجاد نوع من التعاون العلمي مع تلك الجامعات، ومراكز المخطوطات. فلقد قرأت منذ مدة عن العديد من الجامعات والمعاهد في ألمانيا المتخصصة في دراسة الشرق الأوسط، والتي تضم متخصصين في اللغة العربية وآدابها، وأنها تضم مكتباتها العديد من المخطوطات والوثائق العلمية العربية، وتركز على الدراسات والبحوث التي لها صلة بتراث اللغة العربية قديماً وحديثاً ودراسات الشرق الإسلامي لغة وتراثاً وتاريخاً وحضارة. لا شك أن إيجاد نوع من التعاون العلمي المثمر سيكون نافعاً ومفيداً للإطلاع على تلك المخطوطات والوثائق وتصويره وفهرستها، ومن ثم تحقيق ونشر ما يكون مفيداً للباحثين والدارسين، فنحن أولى على الحرص والاهتمام بتراثنا وكنوزنا المعرفية والحفاظ عليه. وبعد: فلقد أتحفت الثقافة العربية الإسلامية أمماً شتى، ومكنتها من التقدم والتطور والازدهار، لأنها تنطلق من مبدأ عظيم ورسالة خالدة كريمة هدفها وشعارها «رب زدني علماً»، وأسأل الله الجميع في مساعيهم التوفيق وسداد الخطى.