×
محافظة المنطقة الشرقية

«موڤنبيك الخبر» يحتفل باليوم الوطني ببوفيه غداء وعشاء

صورة الخبر

نحن نعلم أن بعض طرق الطرح تنتج صوراً جميلة بوصفها متعة للناظر والمتأمل، فنروم في هذا النص توضيح معطيات أساسية استجابة للطموح الذي نهدف إلى تحقيقه، وإيصاله عبر منظار قدمائنا من كتّاب وباحثين ومقالات وروايات ومحطات تاريخية وقفوا بها. فإن مثل هذه التقارب يجعلنا نبحث عنهم ونختار منهم اليوم المفكر المغربي "علي أو مليل" وبعض أجزاء من كتابة"شرعية الاختلاف" موضحاً أن الحق في الاختلاف "أساس النظام الديموقراطي، والحالة الخاصة التي تحول فيها المسلم إلى منهزم يخضع لسلطة الآخر المسيحي، واختار وضعية اهتم بها المؤرخون، وهي حال الموريسكيين بالأندلس، فيقول: لقد كان أسلافهم يتحدثون عن الآخر المختلف ويعتبرونه أقلية بينهم، ولكن مع مرور الزمن أصبحوا هم الأقلية تحت نظام أجنبي، وعليهم أن يبتكروا وسائل الدفاع لإنقاذ الذات الثقافية.  وقد كان الخلاف بينهم على من بمتلك الشرعية للتاريخ المقدس فابتكروا اللغة الأعجمية، أي إسبانية قشتالية مكتوبة بحروف عربية، فكانت وضعيتهم أيضاً جديدة لأنهم واجهوا خصمهم من داخل ثقافته، رغم معرفتهم بالثقافة الإسبانية المسيحية، خاصة أولئك الذين كتبوا بالإسبانية القشتالية، وبما أن الصراع كان مداره الخلاف الديني، فإنهم لجؤوا إلى الاختراع، فاخترعوا "إنجيلاً" قالوا إنه هو الصحيح، ونصوصاً نسبوها إلى مريم وإلى بعض الحواريين وتلامذتهم لإثبات ملكيتهم للحقيقة الدينية. ومع ذلك، ندرك أن ما جاء في الكتاب من امتيازات مكتسبة، تلعب دوراً إزاء فروع المعرفة وأنماط التفكير للأمم السابقة والحاضرة، وفهم الماضي جعل من الأثر التاريخي، وثيقة دالة عليه، تمثل الاتجاه العميق لأفعال الناس، لذا ينبغي فهمهم انطلاقاً من عصرهم، وغالباً ما يأتي العظماء بغاياتهم من عالم غير عالمهم القائم. ثم نعود للمفكر ونكمل القصة التي انتهت بطرد الموريسكيين من الأندلس دليلاً على فشل كل محاولات الدمج الديني والاجتماعي، فظلوا محافظين على تميزهم، بل على اعتبارهم الحضاري، وكرر الكاتب هذا التناظم في الأحداث قائلاً: إن الموريسكيين عايشوا تحولات عرفها العصر الحديث بفضلهم، فهناك الاكتشافات الجغرافية الكبرى والتوسع الأوروبي التجاري ثم الاستعماري، وهناك أيضاً غزو للقارة الأمريكية والتطور الكبير في صناعة السلاح والسفن، وانتشار المطبوعات الناتج عن اختراع المطبعة، ثم هناك ظهور الحركة البروتستانتية وانتصارها في بلدان غرب وشمال أوروبا."  أما السؤال الذي طرحه الكاتب أومليل، كيف ينبغي أن تكون علاقة الأنا مع الغير في بُعدها الثقافي والحضاري؟ إن كثيراً اليوم في المجتمعات العربية غير قابل للاندماج على غرار إسبانيا علماً أن إسبانيا لم تتصرف بدافع حقد عنصري، بل بدافع حقد حضاري، غير أن الموريسكي بقي على شاكلة أجداده وحافظ على تراثه وبالمقابل امتد نفوذه إلى العالم كما أشرنا سابقاً، حافظ على معنى الاختلاف.. وفي الواقع ان العلاقة مع الغير تراهن على ما هو أبعد وأشمل في الإنسان على مر العصور، فالغيرية فضيلة أخلاقية وقيمة كبيرة.