الكثير من الولادات تخالف ما اعتاد عليه الناس، فالعادة أن تلد المرأة في بيتها على يد القابِلَة (أي المرأة التي تساعد الحامل على الولادة) أو - كما هو الحال اليوم- في المستشفى، لكن ليست كل حالات الولادة نمطية هكذا، فلما داهمت الفيضانات أهل موزمبيق عام 2000م فرّ منها الناس قدر استطاعتهم، ومنهم امرأة تسلّقت شجرة لتنجو بنفسها... وبجنينها، ذلك أنها كانت حاملاً في الشهر التاسع، وما هو إلا قليل حتى أتاها المخاض ووضعت ابنتها هناك على الغصن، وحيدتان في الشجرة وأسفلهما الموت الداهم. والأسوأ من ذلك قصة الأمريكية كنيتا بريغز التي شعرت بالمخاض فركبت سيارتها وانطلقت مسرعة نحو المستشفى ولكن أثناء هذه العجلة والقيادة السريعة صدمت حاجزاً وسقطت سيارتها في النهر، فَوَلَدت هناك بينما السيارة تغوص! حصلت هذه الأشياء، لكن ليست الولادات الغريبة دائماً مخيفة هكذا، بل بعضها شيق وفريد، فمن يزور دولة الصرب اليوم فربما يجد أليكساندر هناك، وهو رجل كان ولي العهد لمملكة الصرب سابقاً، فقد كان أبوه بيتر آخر ملوك الدولة ولما ظهر الشيوعيون وأزالوا المُلكَ من يوغوسلافيا (وكانت الصرب جزاًء منها) تركها الملك بيتر وذهب مع ألكساندر وبقية أهله يعيش في الولايات المتحدة وتوفي فيها الملك بيتر. الشيء النادر الذي حصل لأليكساندر - ابن الملك بيتر- هو أنه لما كان الأب ملكاً وُلِد أليكساندر عام 1945م، ووقتها كانت الحرب العالمية الثانية ما زالت مشتعلة وأوروبا تتلظّى بنارها، واضطر الملك بيتر أن يترك دولته التي ابتلعتها ألمانيا النازية مع حلفاء ألمانيا البلغاريين والإيطاليين والمجريين، فمكث الملك بيتر في بلدٍ آخر مُنشئاً حكومة في المنفى، فذهب أولاً إلى اليونان وجعل حكومته المؤقتة هناك، ثم ذهب إلى فلسطين التي كانت تحت الاحتلال البريطاني ثم إلى القاهرة، وأخيراً استقر في بريطانيا في فندق كلاريج والذي ما زال قائماً اليوم، وهناك حصل الشيء النادر الذي أشرتُ إليه، فلما أوشك ابنه أليكساندر أن يولد لم يشأ الأب أن يولد ابنه في بلدٍ غير بلده الأم، فطلب من حكومة بريطانيا طلباً: أن تتنازل بريطانيا عن سيادة جناح الفندق ليوغسلافيا! وافقت بريطانيا وسلّمت السيادة رسمياً ليوغسلافيا، وصار جناح الفندق الذي سكنه بيتر وأهله جزءًا من أرض يوغسلافيا، وهكذا لما وُلِد ابنه أليكساندر هناك إذا به وُلِد -رسمياً- على أرض بلده الأم يوغسلافيا، ورغم أن الحرب وضعت أوزارها إلا أن الملك لم يستطع العودة بعد أن خُلِع من الحكم، وتوفي في منفاه، وما زال ابنه أليكساندر ينادي بعودة المُلك إلى دولة الصرب وأن يكون هو ملكها المُتوَّج. بعض الولادات تأتي وسط المصائب، وبعضها تخلق غرائب سياسية تاريخية!