خلال الأيام القليلة الماضية, نشرت عدد من الصحف خبراً مؤلماً، مفاده أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب شكّلت لجنة لبحث تعثر مشروع ترميم ملعب الأمير عبدالله الفيصل في محافظة جدة؛ وذلك نظراً لكثرة الملاحظات والأخطاء الإنشائية التي وقعت فيها الإدارة الهندسية في رعاية الشباب؛ إذ أصبح من الصعب تلافيها وإتمام المشروع بشكله الصحيح. ومن ذلك انهيار التجهيزات والبنية التحتية للملعب. وأضاف الخبر بأن المبلغ المعتمد لترميم الملعب هو (90) مليوناً, وأن الرئاسة قبل تولي الأمير عبدالله بن مساعد مهامه طلبت زيادة ميزانية المشروع بأكثر من مائة مليون ريال. ما من شك أن مثل هذا الخبر يدعونا جميعاً إلى المطالبة بفتح التحقيق مع كل من له علاقة بتلك الكارثة. واسمحوا لي أعزائي القراء أن أطرح عدداً من المرئيات والتساؤلات حيال ذلك, منها: - أين كانت الإدارة الهندسية بالرئاسة التي أعدت مواصفات ومخططات المشروع؟ إذ يتضح أن تلك الإدارة لم تدرس الموضوع؛ ما تسبب في ضعف الاعتمادات المالية اللازمة لترميم المشروع. وطالما أن الإدارة الهندسية بالرئاسة بهذا الضعف والمحدودية في القدرة على الإشراف فمن المفترض على أصحاب القرار بالرئاسة تكليف الاستشاري المتمكن للإشراف على مثل هذه المشاريع. - كذلك تعتبر الإدارة المالية شريكاً في تلك الكارثة التي لم تسئ فقط للرئاسة, وإنما أساءت لنا جميعاً نحن السعوديين. فالإدارة المالية تلام في تعاملها مع المنافسة، وعدم ترسية المشروع على الشركة الأكثر خبرة وقدرة على إنجاز مثل تلك المشاريع؛ إذ يبدو أن الإدارة المالية لم تتِح المجال لأكبر عدد من المقاولين المتقدمين, أو أن هناك عزوفاً للكثير من المقاولين بسبب صعوبة الحصول على كراسة الشروط والمواصفات. وأياً كان السبب, فعلى الجهات الرقابية فتح ملف التحقيق مع الجميع, وعلى المسؤولين في الرئاسة مد جسور التعاون مع الجهات الرقابية لكشف المتسبب في ذلك أمام الدولة وأمام المواطنين. ما يجعلنا نطالب بفتح التحقيق ومعاقبة المتسبب في تلك الكارثة أن تأخير تنفيذ هذا المشروع قد أدى إلى الإضرار بالرياضة السعودية بصفة عامة، والإضرار بجماهير الأندية التي لعبت مباريات في محافظة جدة؛ إذ تكبدوا الكثير من التعب والخسائر بسبب حرمانهم من اللعب على ملعب عبدالله الفيصل. أيضاً ما يجعلنا نطالب بفتح التحقيق ومحاسبة المتسببين في كارثة ملعب عبدالله الفيصل هو أن تخصيص مزيد من الأشهر والسنوات لتنفيذ المشروع سيؤدي لإشغال الجهاز الهندسي والإداري في الرئاسة بالإشراف على المشروع، ومن ثم هدر المزيد من الأموال. ختاماً, نطالب المسؤولين في الرئاسة - وعلى رأسهم الأمير عبدالله بن مساعد - بأن يصدر بياناً يوضح الحقيقة للجميع. فهل سيتم تطبيق العقوبات النظامية على المقاول المتسبب في تلك الكارثة ومن تعاون معه من منسوبي الرئاسة؟ وهل ستُطبَّق غرامة التأخير في حقه؟ وهل سيتم سحب المشروع من المقاول وترسيته على مقاول آخر؟ وهل سيتم وضع المقاول المتسبب في تلك الكارثة في القائمة السوداء، وعدم ترسية أي مشروع مستقبلي عليه؟ باختصار, ما لم يتم كل ذلك فإننا نتوقع أن يكون لدينا كوارث في المدرجات, مثلما حصل في بعض الدول من انهيارات وخسائر في الأرواح.