.. هذه رسالة من طالب سعودي يروي قصته فيقول: من الطابق التاسع من مستشفى (سان آرثر) في برايتون ببريطانيا (الجناح الرابع – الغرفة 3 ب). كنت أحد ثلاثة مرضى منومين في هذه الغرفة، كان سريري إلى جهة الواجهة الزجاجية للمبنى، وبجانب سريري سرير (ديفيد)، وسرير (إلن) على التوالي، قضيت في المستشفى سبعة عشر يوما خرج (ديفيد) قبلي بخمسة أيام، أما (إلن) فإلى اليوم الذي خرجت فيه من المستشفى لم يكن قد خرج بعد. لقد قدمت للدراسة في بريطانيا، وفي الطريق من مدينة (لندن) إلى (برايتون) وقع لي حادث مروري، معي اثنان من أصدقائي لم يصابا بأذى، بقيا في المستشفى بضع ساعات للتأكد من سلامتهما، ثم خرجا بعد ذلك. وطوال إقامتي في المستشفى كنت أخجل كثيرا حين أوازن بين وضعي، ووضع كل من (ديفيد) و (إلن) ، وخجلت من كثرة ردي لمكالمات الأصدقاء وزملاء البعثة، وسؤالهم عن صحتي، لم تكن هذه الزيارات في يوم دون آخر. أما (ديفيد) و(إلن) فلم يسأل عنهما أحد، المكالمات لي وحدي، وباقات الورد -وإن كنت لا أحبها- لي وحدي، بل أصبحت الورود، وكروت التهنئة بالسلامة تملأ الغرفة، وتمتد حتى سريري (ديفيد) و(إلن)، وما خلت فترة زيارة من زوار لي، بالرغم من أنني ليست لي أهمية تذكر، إذ كنت مجرد طالب صغير في دراسة جامعية لا أكثر. كان عجب (ديفيد) كبيرا، وكان أحد الأصدقاء يدفع لي بنقود، ويضعها في كفي، ويضغط عليها برفق لكي لا أردها، وشعرت بحرج شديد فأنا لدي ما يكفيني، ولست بحاجة إلى مساعدة، ولكنه يرفض ذلك ويصر على الرفض. وخرج (ديفيد) قبلي وقد أخذ عنواني، ثم خرجت بعده بخمسة أيام حينما شفيت من الإصابة، وبعد مضي مدة من الزمن فوجئت برسالة من (ديفيد) في صندوق بريدي، وفتحتها وهالني أن تبدأ بـ «بسم الله الرحمن الرحيم»، وأن يبدأ الخطاب بأخي الكريم، ثم يبدأ بعدها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مكالمات كثيرة.. زوار لك من داخل المدينة ومن خارجها، كنت أحسدك على ذلك، وأحسدك أكثر على الحب الذي ألحظه في علاقتهم بك، واستعداد الواحد منهم أن يقدم لك ما تريد من مساعدة، لقد قلت لي جملة واحدة: إنه الإسلام. كان ذلك الموقف الذي رأيت يغني عن أي كلام منك لي. كلمة واحدة بدأت بها مشوار تعرفي على هذا الدين الذي أنا في أشد الحاجة إليه، إنني سعيد جدا.. لا تكاد تعرف حدود سعادتي وأنا أزف إليك خبر إسلامي! الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام. السطر الأخير: الدين يسر والخلافة بيعة والأمر شورى والحقوق قضاء.