للأسف الشديد كثير من العاجزين عن التعامل مع القضايا الاجتماعية عامة، والمرأة خاصة، يركزون في تحقيق أهدافهم لإحباط وهزيمة الآخر وانسحابه من ساحة المواجهة معهم على “الجانب الأخلاقي”! فالأخلاقيات لدينا مهمة جداً في مجتمع ذكوري وقبلي، يركز على أخطاء الآخر بالتفاصيل، ويركز على الخصوصيات الأسرية، ويلاحق ماضي وسوابق الآخرين مهما كانت بعيدة، ويبني عليها نظرته المستقبلية! وكثير ممن يبحثون عن النجاح سريعاً في تحقيق أهدافهم السيئة لا يتثبتون، ولا يسألون المعني بالأمر مباشرة قبل الحكم عليه، بل قد يعتمدون على ناقل فاسد لخبرٍ غير صحيح! وقد يتناقلون (سواليف) المجالس الليلية، أو النسائية المُغرِضة! وقد يعتمدون على أخبار قديمة لا يعلمون صحتها وكيفية نشرها، ويستمرون في إثارتهم للغير ضد الآخرين الذين ينصبون لهم السهام الحاقدة! والسبب في قبول بعض العامة لهذه الإثارات هو “الخلفية التربوية التي نشؤوا عليها، وضعف الوازع الديني الذي يدفعهم لتصديق كل ما يقال ويُثار”! أما الجانب الآخر الأكثر حساسية وخطورة في مجتمعنا على “المستوى الأسري” فهو ما يواجهه كثير من النساء المُعنفات اللاتي يواجهن صدمة من أزواجهن أكبر من مستوى الحياة القاسية التي تحمّلنها لسنوات طويلة خوفاً من الطلاق، وخوفاً على أطفالهن من الضياع، وطاعة لأوامر أُسرهن بالعودة لأزواجهن وتحمُّل تعاملهم على أمل مع مرور السنوات وتقدم العمر أنهم سيتغيرون، وينتقلون بقدرة قادر إلى المثالية والحب والاحترام في التعامل معهن! ولأن هذه الآمال الكاذبة لا تتحقق تزيد درجة الخطورة الواقعة على الزوجة مع ذهاب شبابها، فتتجه لا شعورياً إلى مراكز الشرطة، أو المحاكم، أو مراكز الحماية الاجتماعية بحثاً عن منقذ لها مما تتعرض له من عنف، ويتعرض له أطفالها من إيذاء مستمر، ولم يشفع لهم صبرها بأي مخرج لهم للعيش في أمان! فأول صدمة تواجه بعض المُعنفات بعد تقدمهن بالشكوى هو “تشكيك زوجها لها في أخلاقياتها” واتهامها أمام تلك الجهات بإقامة العلاقات غير الشرعية، وأن سبب هروبها من سكن الزوجية ليس سوء معاملته، بل سوء أخلاقياتها وعلاقاتها المشبوهة! فيتجه عاجلاً للتبليغ عنها في مراكز الشرط كأنها مجرمة! واتهامها بالخروج من المنزل في وقت حرج مما يُثبت سوء أخلاقها! وهكذا من الاتهامات الشيطانية التي لا يهدف منها إلا الإطاحة بها وإيقاف خطوتها الجريئة ضده بحثاً عن حقوقها الشرعية وتحقيق الحياة الكريمة لها! فهذه النماذج من الأزواج التي لا تخاف الله في نسائها لا يهمها سمعة زوجاتهم، ولا يهمهم ما يلحق أبناءهم من آثار تلك الاتهامات الأخلاقية التي يستقبلها مجتمعنا ببساطة، ويعمل على نشرها وتضخيمها من خلال وسائل التواصل التي استُغلت أسوأ استغلال حتى عند هذه الفئة المريضة ومن شابهها! فهناك من يقوم بتصوير زوجته في مواقف حرجة بدون علمها، ويهددها بأنها تتداولها بأجهزة الجوال حتى يضطرها إلى الوقوف عاجزة أمام المطالبة بحقوقها!! وغيره من النماذج التي لن تقف جهات التحقيق - بإذن الله - عاجزة أمام كيدها! ولن تبت المحاكم في اتهاماتها بدون أدلة واقعية، المهم لا تنسحب المُشتكية خوفاً من فشل دعواها؛ لأنهم - بلا شك - مستندون في دورهم المهم لإنصاف المظلومين على الآية الكريمة : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات. moudyahrani@ تويتر